منتـــــــدى التعــــــليم الثــــــــانوي بـــــسفـــــيزف



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتـــــــدى التعــــــليم الثــــــــانوي بـــــسفـــــيزف

منتـــــــدى التعــــــليم الثــــــــانوي بـــــسفـــــيزف

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتـــــــدى التعــــــليم الثــــــــانوي بـــــسفـــــيزف

منـــــتدى خــــاص بالتعــــــليم الثــــــــانوي

المواضيع الأخيرة

» تخصص محروقات وكيمياء
من خصائص المذهب المالكي Icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 07 2015, 11:28 من طرف مهاجي30

» الفرض الاول علمي في مادة الأدب العربي
من خصائص المذهب المالكي Icon_minitimeالسبت نوفمبر 22 2014, 14:57 من طرف slim2011

» الفرض الاول ادب عربي شعبة ادب و فلسفة
من خصائص المذهب المالكي Icon_minitimeالسبت أكتوبر 18 2014, 06:35 من طرف عبد الحفيظ10

» دروس الاعلام الآلي كاملة
من خصائص المذهب المالكي Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 23 2014, 09:24 من طرف mohamed.ben

» دروس في الهندسة الميكانيكية
من خصائص المذهب المالكي Icon_minitimeالخميس سبتمبر 18 2014, 04:37 من طرف nabil64

» وثائق هامة في مادة الفيزياء
من خصائص المذهب المالكي Icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 10 2014, 21:12 من طرف sabah

» طلب مساعدة من سيادتكم الرجاء الدخول
من خصائص المذهب المالكي Icon_minitimeالجمعة سبتمبر 05 2014, 19:57 من طرف amina

» مذكرات الأدب العربي شعبة آداب و فلسفة نهائي
من خصائص المذهب المالكي Icon_minitimeالجمعة سبتمبر 05 2014, 19:53 من طرف amina

» مذكراث السنة الثالثة ثانوي للغة العربية شعبة ادب
من خصائص المذهب المالكي Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 19 2014, 07:29 من طرف walid saad saoud

» les fiches de 3 as* projet I**
من خصائص المذهب المالكي Icon_minitimeالجمعة يوليو 11 2014, 11:51 من طرف belaid11

مكتبة الصور


من خصائص المذهب المالكي Empty

    من خصائص المذهب المالكي

    مهاجي30
    مهاجي30
    عضو مجتهد
    عضو مجتهد


    الجنس : ذكر عدد المساهمات : 697
    تاريخ التسجيل : 03/03/2011
    الموقع : http://elmcid.moontada.net/

    من خصائص المذهب المالكي Empty من خصائص المذهب المالكي

    مُساهمة من طرف مهاجي30 الإثنين أكتوبر 10 2011, 11:28

    [/color][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    من خصائص المذهب المالكي

    الدكتور محمد التاويل
    إن المذهب المالكي الذي اختاره المغاربة والآباء والأجداد عن إيمان واقتناع وحجة وبرهان، ولم يبغوا به بديلا منذ عرفوه، جمع شملهم ووحد كلمتهم وصان دولتهم وعصمهم من التفرق والاختلاف بما يمتاز به من خصوصيات على صعيدين:

    1- على صعيد أصول الفقه.
    2- وعلى صعيد الفقه نفسه.
    أولا: خصوصيات المذهب على مستوى أصول الفقه.
    يمتاز المذهب المالكي على مستوى أصول الفقه بعدة مزايا وخصوصيات من أهمها:
    أ/ وفرة مصادره وكثرة أصوله
    وهي المتمثلة في الكتاب والسنة والإجماع وعمل أهل المدينة والقياس والاستحسان والاستقراء وقول الصحابي وشرع من قبلنا والاستصحاب والمصالح المرسلة وسد الذرائع والعرف والأخذ بالأحوط ومراعاة الخلاف. بالإضافة إلى القواعد العامة المتفرعة عنها والتي أنهاها بعض المالكية إلى ألف ومائتي قاعدة تغطي جميع أبواب الفقه ومجالاته.
    هذه الكثرة أغنت الفقه المالكي وأعطته قوة وحيوية ووضعت بين أيدي علمائه من وسائل الاجتهاد وأدوات الاستنباط ما يؤهلهم لبلوغ درجة الاجتهاد ويمكنهم من ممارسته ويسهل عليهم مهمته. وإذا كانت بعض المذاهب شاركت المذهب المالكي في بعض هذه الأصول فإن ميزة الفقه المالكي تكمن في الأخذ بجميع هذه الأصول بينما غيره لم يأخذ إلا ببعضها ورد الباقي.

    ب/ تنوع هذه الأصول والمصادر
    فإنها تتراوح بين النقل الثابت والرأي الصحيح المستمد من الشرع والمستند إليه كالقياس، هذا التنوع في الأصول والمصادر والمزاوجة بين العقل والنقل والأثر والنظر وعدم الجمود على النقل أو الانسياق وراء العقل هي الميزة التي ميزت المذهب المالكي عن مدرسة المحدثين ومدرسة أهل الرأي وهي سر وسطيته والإقبال الشديد عليه وضرب أكباد الإبل إلى إمامه في أيام حياته.

    ج/ توسعه في استثمار الأصول المتفق عليها توسعا كبيرا
    مما ساعد ويساعد على سد الفراغ الذي يمكن أب يحس به المجتهد عند ممارسة الاجتهاد والاستنباط، وهكذا نجده في التعامل مع الكتاب والسنة لا يكتفي بالنص والظاهر بل يقبل مفاهيم المخالفة والموافقة وتنبيه الخطاب كما يقبل دلالة السياق ودلالة الاقتران والدلالة التبعية، وقد استدل بقوله تعالى:" والخيل والبغال والحمير لتركبوها " على عدم وجوب الزكاة في الخيل لاقترانها بالحمير التي لا زكاة فيها، كما توسع في باب القياس فقبل أنواعا من القياس لا يقبلها غيره ولم يخصه بباب من أبواب الفقه ولا نوع من أ،واع الحكم.
    بينما نجد كثيرا من الفقهاء يردون بعض أنواع القياس ويضيقون مجالات المقبول عندهم، فلا يقبلون القياس على ما ثبت بالقياس ولا القياس المركب والقياس على مخصوص وقياس العكس، ولا يجيوزن القياس في الحدود والكفارات والرخص والتقديرات والسباب والشروط والموانع.

    ثانيا:: في خصوصياته على الصعيد الفقهي
    ونختره في عشر فقرات:
    أولا: رحابة صدره وانفتاحه على غيره من المذاهب الفقهية والشرائع السماوية السابقة واعترافه بالجميع واستعداده للتعايش معه والاستفادة منه بفضل قاعدة شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ التي اتخذها مالك أصلا من أصوله التي بنى عليها ما له وأسس عليها فقهه وانطلاقا من إيمانه بحرية الاجتهاد ووجوبه وأنه لا يقلد مجتهد غيره، وأن المصيب واحد كما يراه مالك وأكثر علماء الأصول يتجلى ذلك:
    1- في اتخاذ شرع من قبلنا شرعا لنا ما لم يرد ناسخ ن وهكذا أخذ المالكية بمشروعية الجعالة والكفالة من شريعة يوسف كما حكاه الله عنه في قوله: "ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم "كما استدلوا على مشروعية قسمة مهيأة بقول صالح: "هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم"، وعلى جواز الإجارة والنكاح على منافع بقول صاحب مدين: "إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج".
    2- في إباحته الاقتداء بالمخالف في الفروع ولوترك شرطا من شروط الصلاة أو ركنا من أركانها في الفقه المالكي إذا كان الإمام لا يراه شرطا ولا ركنا في مذهبه، الصلاة وراء من نام ولم يتوضأ أولا يقرأ في الصلاة أو يفتتح الصلاة بغير تكبيرة الإحرام على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
    3- في رفضه تكفير المسلمين بالذنب والهوى فقد سئل مالك عن المعتزلة أكفار هم ؟ قال: من الكفر فروا.
    4- في تصحيحه حكم المخالف لمذهب مالك ومنع نقضه وإن خالف المشهور أو الراجح في المذهب المالكي، وهي القاعدة المعروفة بحكم الحاكم يرفع الخلاف المشار لها بقول خليل ورفع الخلاف لا أحل حراما.
    5- فيما قرره الفقه المالكي في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن المختلف فيه لا يجب فيه الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر، وهي قاعدة من أهم القواعد التي تحقق التعايش بين المذاهب والطوائف المختلفة وتحفظها من الصراع المذهبي والطائفي.
    6- فيما قرره الفقه المالكي أيضا أنه إذا لم يوجد نص للمالكية في النازلة المعروضة فإنه يعمل فيها بالفقه الشافعي أو الحنفي على خلاف بينهم.
    7- في رفض مالك فرض مذهبه وموطئه على جميع الأئمة حين عرض عليه الخليفة العباسي ذلك واعتذر مالك عن ذلك.
    8- في استحسانه العمل برأي المخالف ابتداء في بعض مواطن الخلاف من باب الورع والخروج من الخلاف، قراءة البسملة سرا، وقراءة الفاتحة خلف الإمام للخروج من خلاف الشافعي.
    9- في قبوله رواية المبتدع إذا لم يكن داعية لمذهبه ولم يكن ممن يستل الكذب.
    10- في إباحته الخروج عن المذهب والعمل بقول المخالف عند الحاجة وفي بعض القضايا التي يصعب فيها الأخذ بالفقه المالكي أو لغير ذلك من الأسباب، روي عن مالك أنه دخل المسجد بعد صلاة العصر وجلس ولم يصل تحية المسجد فقال له صبي: قم يا شيخ فاركع ركعتين، فقام فصلاهما، فقيل له في ذلك، فقال: خشيت أن يصدق علي قوله تعالى: (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون).
    هكذا إذن يتبين مدى انفتاح الفقه المالكي على غيره ومصالحته له وتعايشه معه في سلام وتفاهم ووئام وإمكان الأخذ عنه والاقتباس منه. وهذا هو الذي تفاعل في رحم المجتمع المغربي عبر التاريخ ليجعل منه هذا المجتمع المنفتح المتسامح المتسع لمخالفة المخالفين لكن دون فقد خصوصياته ولا تضيع هويته، مما يمكن اعتباره حسنة من حسنات هذا المذهب وفضلا من أفضاله على هذا البلد الأمين.

    ثانيا: قابليته للتطور والتجديد ومواكبته العصر والمستجدات في ظل الشريعة الإسلامية وتحت مراقبتها وداخل إطارها الفقهي ومحيطها الفلسفي والخلافي بفضل أخذه بمبادئ العادة الحسنة والمصلحة المرسلة وسد الذرائع، فإن هذه الأمور تختلف من عصر إلى عصر ومن بلد إلى بلد، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام كل باحث مقتدر، وكل فقيه مجتهد يتمتع بالأهلية الضرورية لاستنباط ما يحتاج لاستنباطه من أحكام أو اختيار ما هو الأفضل والأنسب مما هو موجود ومنصوص عليه في التراث الفقهي الإسلامي.
    وقد أثبتت التجربة المغربية نجاعة هذا الأسلوب وفائدته في فقه العمليات أو ما يعرف بما جرى به العمل: العمل الفاسي العمل المطلق، فإن رواد هذا الفقه التجديدي استندوا في أحكامهم وفتاويهم التي جرى بها العمل إلى المصالح المرسلة وسد الذرائع والعادات الحميدة، لاعتماد أقوال مرجوحة أو خارجة عن المذهب، تتناسب مع الظروف الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية التي كانوا يعيشونها، مما أغناهم عن الاستيراد والتبني والتقليد والاقتباس من الغير، وساعدهم على المحافظة على الهوية الإسلامية والطابع المالكي في تشريعهم وقضائهم، كمثال على ذلك قراءة القرآن جماعة، وشهادة اللفيف وبيع الصفقة، إلا أن هذه القابلية للتطور والتجديد محصورة ومحدودة في ساحة المسكوت عنه، أو المخير فيه، أو المختلف فيه، أو المنصوص عليه أمرا أو نهيا أو إذنا، أو ما يسمى بالعادات الشرعية، فإنه من الثوابت التي لا تقبل التغيير ولا يجوز المساس بها باسم المصلحة المرسلة أو العادة المتجددة، لأن ذلك يعتبر نسخا للشريعة ولا نسخ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.

    ثالثا: المرونة في معالجة كثير من القضايا الشائكة والحالات المستعصية والعمل على حل المشاكل الطارئة، بفضل مبدأ مراعاة الخلاف الذي اتخذه أصلا من أصوله الفقهية التي بنى عليها فقهه، يتجلى ذلك في:
    أ/ تصحيحه بعض العقود الفاسدة المختلف فيها، يعد وقوعها مراعاة لقول المخالف بشروط يكون ذلك القول مؤسسا على دليل قوي في نفسه.
    ب/ في ترتيب آثار العقود الصحيحة على العقد الفاسد المختلف فيه أيضا، وكمثال على ذلك الأنكحة الفاسدة المختلف فيها، فإن الفقه المالكي يصحح بعضها بعضا بعد الدخول، ويلحقه فيها الولد بالزوج، ويوجب فيها التوارث بين الزوجين قبل الفتح، ويعتد بالطلاق الواقع فيها. وفي البيوع الفاسدة ينتقل فيها الضمان للمشتري بالقبض، وإذا فات المبيع يمضي بالثمن، بينما الفقه الشافعي يرى فسخ البيع الفاسد ولو تداولت الأيدي كما يرى فسخ الأنكحة الفاسدة ولو ولدت الزوجة الأولاد، ويحد الزوجين في بعض الحالات.

    رابعا: السماحة والتيسير في أحكامه وآرائه رائده في ذلك الكتاب والسنة وما استنبط منهما من قواعد أصولية ومبادئ فقهية، ساعدته على اتخاذ أيسر الحلول وأخف الأحكام وأسهلها، مثل قوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، قوله: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، وقوله: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يسروا ولا تعسروا" وقوله أيضا: "إياكم والغلو في الدين" وقاعدة: "الحرج مرفوع" و"المشقة تجلب التيسير" وقاعدة: "الضرر يزال"، و"الضرورات تبيح المحظورات" و"الأصل في الأشياء الإباحة" وغير ذلك من القواعد التي كان لها انعكاس إيجابي في مختلف أبواب الفقه في العبادات والمعاملات، والمنازعات، وشؤون الأسرة، وغير ذلك من أبواب الفقه التي جاء فيها الفقه المالكي أكثر تيسيرا وتسامحا وأكثر استجابة لحاجات الناس في عبادتهم ومعاملاتهم، وأرفق بهم وأصلح لهم في دينهم ودنياهم، مما جعل الإمام الغزالي – رحمه الله - بعد المقارنة بين المذاهب الفقهية في باب المياه يقول: "وددت لو كان مذهب الشافعي في المياه كمذهب مالك".

    خامسا: الوسطية والاعتدال في أحكامه ومواقفه وفي أصوله وفروعه: لا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تشديد، ولا غرابة ولا شذوذ ولا جمود ولا تعقيد ولا تمرد ولا تكفير، يقول بالقياس ويحبذ الأخذ بالرخص ويكره الأخذ بغرائب الأقوال وشواذ الأحكام يحب الاتباع ويكره الابتداع، ويحرم استعمال الحيل للتخلص من الواجبات أو التوصل إلى المحرمات، ويرفض نتائجها ويؤاخذ المحتال بنقيض قصده، ويحرمه من الاستفادة من حيلته، ويعاقبه على فعلته، وكمثال على ذلك التوليج في البيع والوصايا، والفرار من الزكاة والطلاق في مرض الزوج ونكاح الملل.

    سادسا: البعد المقاصدي: حيث يعتبر الفقه المالكي من أعمق المذاهب الفقهية فهما لروح الشريعة الإسلامية ومقاصدها وأبعادها نظرا واعتبارا لمآلاتها، وأكثرها التزاما بمراعاة حكمها وأسرارها عند استنباط الأحكام من نصوصها، وتفريع الفروع عليها، وخاصة فيما يتعلق بالضروريات الخمس: الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فإنه تفوق على كثير من المذاهب الفقهية في العناية بها، والمحافظة عليها، ومنع المساس بها من قريب أو بعيد وبأي وجه من الوجوه.
    وللتوضيح يكفي أن نأخذ نموذجا واحدا وثيق الصلة بالمحافظة على الأرواح، حيث يستطيع كل قارئ أو باحث أن يلمس فيه حكمة الفقه المالكي، وبعد نظره والتزامه بروح الشريعة ومقاصدها وقدرته على بلورتها وتحقيقها في تشريعاته وأحكامه.
    ففي باب الدماء يتفق الفقه الإسلامي على اختلاف مذاهبه ومدارسه على أن الحكمة من القصاص هي المحافظة على أرواح الناس وحياتهم، والضرب على أيدي المعتدين، وزجرهم من سفك دماء الأبرياء ظلما وعدوانا أخذا من قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) فهل استطاعت المذاهب الفقهية المختلفة تحقيق هذه الحكمة وبلوغ هذا الهدف؟ وهل وفقت لاستنباط القواعد والضوابط الملائمة لها؟ وهل نجحت في المحافظة على أرواح الناس، والقضاء على جريمة القتل أو التخفيف منها؟ بالنسبة للفقه المالكي نستطيع الجواب بنعم على هذه الأسئلة كلها، فقد استطاع تحقيق تلك الحكمة، ووفق في وضع القواعد والضوابط الكفيلة بإنجاحها، ونجح في الحد من انتشار جريمة القتل في المجتمعات التي دانت له مدة سيادته في محاكمها ووجوده في تشريعاتها، حتى إذا غاب عنها تغيرت الأمور ولم يبق مسئولا عما يجري فيها.
    يؤكد ما نقوله أمران: الأول: نظري تشريعي يتمثل في وضع القواعد الصارمة وغير المتساهلة مع من تسول له نفسه الاعتداء على حياة الناس وأرواحهم، وهكذا أوجب القصاص في القتل العمد العدوان، بقطع النظر عن الآلة المستعملة فيه، والطريقة المتبعة في تنفيذه، وسوى بين القتل مباشرة والقتل تسببا وتوسع كثيرا في مفهوم السببية لتشمل الإكراه على قتل الغير والأمر به،...
    وأوجب قتل الجماعة بالواحد إذا اشتركوا في قتله أو تمالئوا عليه، ونفى شبه العمد وضيق من مفهوم الشبهة الدارئة للحد، وفتح باب الاجتهاد في الحدود وجوز القياس فيها، واكتفى في ثبوت القتل بالقسامة والتدمية ولم يقبل العفو من الولي عن القاتل إذا كان القتل غيلة أو حرابة، ولا من الإمام إذا لم يكن للقتيل ولي.
    وبهذا التشريح الصارم سد جميع أبواب القتل وأغلق نوافذه، وقطع الطريق على المتعطشين لدماء الأبرياء، ونزع الحصانة عن الجميع، وضمن للناس حياة آمنة مطمئنة مصداقا لقوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون).
    يؤكد هذا، وهو الأمر الثاني: قلة نوازل الدماء في كتب النوازل الفقهية المالكية مما يفسر بقلة حوادث القتل، ويسجل شهادة واقعية باستتباب الأمن في تلك الحقب والبلاد التي ساد فيها الفقه المالكي بينما تجد بعض المذاهب الفقهية ضيق في مفهوم القتل الموجب للقصاص، وتوسع في مفهوم الشبهة المسقطة للقصاص ومنع القياس في الحدود، وأثبتت شبهة العمد.
    وبذلك انفتح باب القتل على مصراعيه، وأصبح باستطاعة كل مجرم أن يحقق رغبته، ويقترف جريمته، ويتخلص من عدوه بكل وسيلة من وسائل القتل التي لا قصاص فيها وهو أمن مطمئن على نفسه من القصاص ضامن لنفسه الحياة بعد تخلصه من غريمه.

    سابعا: البعد العلمي والمعرفي بنصوص الشريعة الإسلامية وروحها كما يؤخذ من الحديث الشريف "....فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة " وفي رواية: فلا يجدون أحدا أفقه من عالم المدينة، فالعلم معرفة الشيء على ما هو عليه، والفقه إدراك الأمور الخفية، قال تعالى: (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر، قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون، وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع، قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون).
    لما كان الحديث عن النجوم والبر والبحر من المحسوسات، ذيلها بقوله: (لقوم يعلمون)، ولما كان الحديث عن النشأة من نفس واحدة والمستقر والمستودع من الأمور الخفية ذيلت الآية بقوله: (لقوم يفقهون)، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" ولم يقل يعلمه، ومن أجل هذا البعد العلمي المعرفي كان الفقه المالكي أقرب المذاهب الفقهية إلى الكتاب والسنة، وأقلها مخالفة للحديث الصحيح كما قال ابن تيمية، وكان أكثرها صوابا وأصحها قياسا كما قال الشافعي، وأرجحها رأيا كما قال الإمام أحمد، وأقلها خطأ كما قال ابن خويز منداد، وأحسنها تأويلا وأصوبها جمعا وتوفيقا بين النصوص المختلفة والأدلة المتعارضة. والحديث يشهد لهذا كله، فإن الأعلم والأفقه لا يكون علمه وفقهه إلا هكذا، والمتتبع للفقه الإسلامي والفقه المالكي على مستوى الخلاف العالي لا يسعه إلا أن يؤكد صحة هذه الشهادات وصدقها.

    ثامنا: البعد الاجتماعي والمصلحي في توجهاته وأحكامه بفضل اتخادها لمصالح المرسلة والعادات الحسنة أصلا من أصوله الفقهية، ومصدرا من مصادره التشريعية التي بنى عليها فقهه، وأرسى عليها قواعد مذهبه واستمد منها آراءه وأحكامه.
    وهكذا نراه كلما كانت هناك مصلحة دينية أو منفعة دنيوية لم يرد دليل شرعي على إلغائها أو كانت هناك عادة متبعة في بلد، أو سنة مألوفة بين الناس في أفعالهم أو أقوالهم لا تتنافى مع الشرع ولا تخالف قواعده، فإن الفقه المالكي يقرها ويرحب بها ويدخلها في منظومته الفقهية، ولا ينتظر قيام الدليل الخاص على شرعية تلك المصلحة ودرء المفاسد، وأنه حينما كانت هناك مصلحة فهناك حكم الله، حتى يدل الدليل على خلاف ذلك.
    إلا أن المعتبر في المصالح المرسلة ما يحقق المصالح الشرعية لا ما يحقق رغبات الناس وأهوائهم، لأن مصالح الناس تتعارض، فإن الله تعالى يقول:"ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن"

    تاسعا: المنطقية والعقلانية في أحكامه: لا تجد فيه ما يناقض العقل السليم أو يخالف المنطق الصحيح، ويرفض ذلك كله ولا يقبله، ويشترط الإمكان في كل أحكامه، ويرد ما يخالفه كما هو الشأن في الأنساب والشهادات والدعاوي.

    عاشرا: الواقعية، نوازله وفروعه في مختلف الأبواب، موضوعاتها تتراوح بين ما هو واقع وما يمكن وقوعه.
    وقد كان مالك – رحمه الله - إذا سئل عن شيء من ذلك يقول للسائل، سل عما يكون ودع ما لا يكون، وربما أعرض عن السائل، فإذا ألح عليه السائل في طلب الجواب يقول له: لو سألت عما تنتفع به لأجبتك، هذه جملة من خصائص هذا المذهب المبارك حلى به إلى هذا البلد الأمين، بطائفة من السمات بوأته هذا المقام الذي أضحى معروفا به بين العالمين، مقام الانفتاح والتسامح والتعاون والثبات والتسامي، فتفاعل المغاربة مع مذهب يحمل كل هذه الخصائص، قد وسم شخصيتهم الجماعية بهذا الوسم، وجعل من فهمهم للدين وتدينهم به وتنزيله على واقعهم بمختلف تمظهراته، رافدا وحاملا نحو هذا الأفق الديني السني، الذي أصبح العام والخاص يتبينون تميزه، ويتعرفون من خلاله على إسلام الجمال والتسامح والإخاء الذي جاء به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28 2024, 23:59