مقال للدكتور يوسف القرضاوي ويدعو الإسلام أرباب الأموال إلى تنمية أموالهم وتثميرها، وينهاهم عن تجميدها وتعطيلها، فلا يجوز لصاحب الأرض أن يعطل أرضه من الزراعة، إذا كان المجتمع في حاجة إلى ما تخرجه من زرع وثمر، ومثل ذلك صاحب المصنع، الذي يحتاج الناس إلى منتجاته، وهو مناف لمبدأ (الاستخلاف ).
وكذلك لا يجوز لأرباب النقود كنزها وحبسها عن التداول، مع حاجة الأمة إلى توظيفها في مشروعات نافعة، تمتص عدداً من العاطلين، وتنعش الحركة الاقتصادية، وترفع من مستوى المعيشة، ولا عجب أن أنذر القرآن الكافزين الأنانيين بهذا الوعيد الشديد، فقال: ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ).
ولكن الإسلام يقيد ملاك المال في تثميره وتنميته، بالطرق المشروعة، التي لا تتنافى مع الأخلاق والقيم العليا، ولا مع المصلحة الاجتماعية، إذ لا انفصال في الإسلام بين الاقتصاد والأخلاق، فليس رأس المال حراً كما هو في الرأسمالية، وكما زعم قوم شعيب قديماً: أن لهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاؤون. من أجل ذلك حرّم الإسلام الوسائل الآتية في تثمير رأس المال:
(أ) الربا:
ففيه يستغل المرابي حاجة المستقرض إلى المال، ويفرض عليه زيادة يأخذها بغير مقابل من جهد ولا مخاطرة، فيزداد الغني غنى، والفقير فقيراً، وتوجد طبقة أشبه بالعلق , الذي يمتص دماء الكادحين والعاملين، فهي لا تعمل شيئاً، ولكن تعود إليها ثمرات كل شئ، وبهذا تتسع الفروق الاقتصادية بين الطبقات، وتتأجج نار الحقد والصراع والبغضاء. لهذا شدد الإسلام في تحريم الربا، وجعله من الكبائر والموبقات، وتوعد عليه بأعظم الوعيد: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ). ولعن رسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم) آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.
(ب) الاحتكار:فقد جاء في الحديث الصحيح: ( لا يحتكر إلا خاطئ ) أي آثم، وفى حديث آخر رواه أحمد: ( من احتكر طعاماً أربعين يوما فقد برئ من الله وبرئ الله منه). وإنما جاء هذا الوعيد، لأن المحتكر يريد أن يبنى نفسه على أنقاض الآخرين، ولا يهمه جاع الناس أو عروا، ما دام في ذلك دراهم أو دنانير ترتد إلى خزانته، وكلما رأى الناس أشد حاجة إلى سلعته زاد في إخفائها،واشتد سروره بغلائها، ولهذا روى في الحديث: ( بئس العبد المحتكر، إن سمع برخص ساءه، وإن سمع بغلاء فرح). وقد اختلف الفقهاء في تحديد الأشياء التي يحرم احتكارها، أهي الأقوات ؟ أم هي كل ما هو ضروري للناس؟ والصحيح ما قاله الإمام أبو يوسف: ( كل ما أضر بالناس حبسه فهو احتكار).
(ج) الغش:في أي صورة من صوره، وفى الحديث: ( من غش فليس منا)، ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما ). ومن الغش تطفيف الكيل والوزن، الذي أنزل الله فيه قرآنا يتلى: ( ويل للمطففين، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ). وقد ذكر القرآن قصة شعيب مرات عديدة وهو يدعو قومه بإخلاص وإصرار: ( أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين، و وزنوا بالقسطاس المستقيم).
(د) التجارة في المحرمات:كالخمر والمخدرات والخنزير والأدوات المحرمة، كأواني الذهب والفضة، والأصنام والتماثيل، والأغذية الفاسدة، فإن الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه.
(هـ) وكل ما يتنافى مع الخلق الكريم ،أو يبعد عن الدين القويم، أو يضر بصالح المجتمع، فهو منكر يحاربه الإسلام، ويرفضه الاقتصاد الإسلامي.
و الله ولي التوفيق .
الأربعاء أكتوبر 07 2015, 11:28 من طرف مهاجي30
» الفرض الاول علمي في مادة الأدب العربي
السبت نوفمبر 22 2014, 14:57 من طرف slim2011
» الفرض الاول ادب عربي شعبة ادب و فلسفة
السبت أكتوبر 18 2014, 06:35 من طرف عبد الحفيظ10
» دروس الاعلام الآلي كاملة
الثلاثاء سبتمبر 23 2014, 09:24 من طرف mohamed.ben
» دروس في الهندسة الميكانيكية
الخميس سبتمبر 18 2014, 04:37 من طرف nabil64
» وثائق هامة في مادة الفيزياء
الأربعاء سبتمبر 10 2014, 21:12 من طرف sabah
» طلب مساعدة من سيادتكم الرجاء الدخول
الجمعة سبتمبر 05 2014, 19:57 من طرف amina
» مذكرات الأدب العربي شعبة آداب و فلسفة نهائي
الجمعة سبتمبر 05 2014, 19:53 من طرف amina
» مذكراث السنة الثالثة ثانوي للغة العربية شعبة ادب
الثلاثاء أغسطس 19 2014, 07:29 من طرف walid saad saoud
» les fiches de 3 as* projet I**
الجمعة يوليو 11 2014, 11:51 من طرف belaid11