تُظهر الاختلافات بين الأولاد والبنات في سن مبكرة، ويمكن ملاحظتها من خلال الطرق المختلفة للعب والتعلم. فعند مراقبة مجموعة من طلاب الصف الأول، تجد الفتيات يعملن بهدوء في أدراجهن، أو يلعبن بشكل تعاوني في مجموعات صغيرة، بينما تجد الأولاد يرمون قصاصات الورق في الهواء، أو يصنعون حركات سخيفة على وجوههم يواجهون فيها بعضهم البعض، أو يظهر عليهم الملل، مشتتين لا يهدأون عند الجلوس. وفي حين ترفع الفتيات أيديهن بأدب للإجابة على أسئلة المعلمة، يفتقر الأولاد للحد الأدنى من النظام واللياقة في الكلام والإجابة. وأما في الملعب فتمارس الفتيات القفز على الحبل بنظام، أو ينشدن بعض الأغاني، ويركل الأولاد الكرات، ويتسابقون بدون هدف واضح، ويغيظون الفتيات أو يصطدمون بالأولاد الآخرين.
قد يكون من المفيد التفكير حول الاختلافات بين الجنسين على أنها نتاج قوى داخلية (بيولوجية وتشريحية)، وقوى خارجية (مثل التنشئة الاجتماعية، والقوالب النمطية). وهنا سنركز على بعض القوى الداخلية من خلال إبراز البحوث التي تقارن الذكور والإناث من خلال علم الحياة وعلم الأعصاب والسلوك.
من المهم أن نلاحظ أن الجنس احد العوامل الفطرية التي تساهم في تكوين شخصية الفرد المتفردة. أما القوى الداخلية الأخرى التي تشكل ماهيتنا وسلوكنا فهي :
• المزاج مثل: الخجل، ومستوى الطاقة
• الذكاء
• القدرات الطبيعية مثل القدرة على الإبداع وصعوبات التعلم مثل عسر القراءة.
وفيما يلي نستعرض ما اكتشفه الباحثون من تأثير الجنس على تباين طرق التعلم بين الذكور والإناث.
كشفت أبحاث علم الأعصاب تفاوتاً بين الجنسين في تشريح الدماغ البشري، والعمليات الكيميائية والوظيفية التي تأثر في اللغة والذاكرة والعاطفة والرؤية والسمع وجميع عناصر التعلم عند الإنسان.
كما كشفت الأبحاث اختلاف أن حجم الفص في كل جانب من جانبي الدماغ البشري بين الذكور والإناث. ورغم عدم فهم العلماء للعلاقة بين هذه المعطيات بالقدرة المعرفية، إلا أنهم قدموا بعض التخمينات الجيدة
ففي منطقة في الدماغ تسمى ((hippocampus وهي تتعلق بمخزون الذاكرة والرسم البياني المكاني للعالم الفيزيائي وجد أنها عند المرأة اكبر منها عند الرجل، وهذا قد يفسر لماذا يتجول الرجال والنساء بطرق مختلفة، (الرجال لا يتوقفون للسؤال عن الاتجاهات) وتقترح الأبحاث أن الرجال يميلون إلى التجول بتقدير المسافات في الفضاء والاتجاه، بينما تستعمل النساء رصد المعالم. و كبر حجم (hippocampus) يفسر قدرة الفتيات على تذكر ما يتعلمنه بسهولة.
أما الجسم الثفني (corpus callosum) ، الذي يربط بين نصفي الدماغ، فيكون عادة عند الفتيات أكبر منه عند الذكور. وهذا يوفر قدرة اكبر على التواصل بين نصفي الدماغ. من ناحية أخرى، ونتيجة لذلك، تكون الفتيات أفضل من الفتيان في تعدد المهام وبإمكانهن الانتقال السريع بين الدروس والمهام. من ناحية أخرى، فإن قدرة الأولاد على تجزئة التعلم يؤدي إلى تحسين الوضوح والتركيز في حالات معينة.
وأظهرت الدراسات أن الفتيات يستخدمن مناطق الدماغ المخصصة للأداء اللفظي والعاطفي، في حين يستخدم الأولاد مناطق الدماغ الموجهة نحو المهام المكانية والميكانيكية.
كما يحتاج دماغ الذكر إلى إعادة شحن وإعادة توجيه عن طريق إدخال ما يسميه العلماء استدعاء الحالة الابتدائية للدماغ. و قد يبتعد الأولاد أو يسرحون بعيداً بشكل طبيعي خلال الدرس. ومع ذلك، فهم قادرون على مواصلة المشاركة في التعليم البصري أو التدريب العملي الذي يحتوي على الرموز والأشياء، والرسوم البيانية والصور.
بالإضافة إلى الاختلاف في الدماغ، فقد أظهرت الأبحاث أن هناك اختلافات تشريحية بين عيون وآذان الذكور والإناث. ويبدو أن الفتيات اكتسبن رؤية مجهريه (باستخدام كلتا العينين في نفس الوقت) في سن أصغر بكثير من الفتيان، وأن القشرة البصرية تبدو منظمة بطرق مختلفة جداً في الفتيان والفتيات.
وهناك أبحاث أخرى تشير إلى أن الفتيات لديهن حاسة السمع أكثر قوة من الفتيان بشكل طبيعي، وخصوصا في الترددات العالية التي تعتبر مهمة لتمييز الكلام، وتأتي أهمية هذه النتائج لأن التعلم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبصر والسمع.
وكشفت الدراسات السلوكية التي أجريت على مجموعة من القرود الصغيرة حيث لاحظ الباحثون انه عندما تُعطى مجموعة مختارة من الألعاب، بما في ذلك دمى، شاحنات، وعناصر محايدة بين الجنسين مثل الكتب المصورة، تنجذب ذكور القرود نحو اللعب “الذكورية ” في حين تقضي الإناث الكثير من الوقت مع الدمى وأنواع اللعب التي ترتبط بالفتيات، كما قضى ذكور وإناث القرود وقتا متساوياً في اللعب باللعب المحايدة بين الجنسين.
وفي دراسة أخرى، لاحظ سايمون بارون كوهين وفريقه في جامعة كامبردج في دراسته على أطفال بعمر السنة، عرضوا عليهم مجموعة مختارة من الأفلام، لاحظوا أن الفتيات شاهدن الأفلام التي تعرض وجوها إنسانية لوقت أطول، في حين أن الأولاد ابدوا اهتماماً أكثر بالا فلام التي تعرض سيارات. ويبدو أن ما يجذب الشخص من الألعاب والأفلام والمواضيع تحدد نوع بيئة التعلم المناسبة.
مرة أخرى، ينبغي النظر في البحوث بشأن الاختلافات بين الجنسين كجزء من صورة أكبر، بما في ذلك الصفات الفطرية والقوى الخارجية الأخرى التي تؤثر على أي فرد. فعلى سبيل المثال، هناك العديد من الفتيات المصابات باضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة لا تظهر عليهن الأعراض، وغالباً ما يتم تشخيصهن في وقت متأخر عن الأولاد المصابين بنفس الاضطراب. قد يكون ذلك بسبب ضغوط المجتمع على الفتيات للعمل بطريقة معينة (التصرف بشكل جيد واللعب بهدوء)، ولكن الباحثين يتساءلون عما إذا كان حجم وهيكل وظيفة من وظائف الدماغ يؤدي إلى إظهار نقاط القوة والضعف المختلفة عند البنات عما نراه في الأولاد المصابين بنفس الاضطراب .
وعندما يتعلق الأمر بالاختلافات بين الجنسين، والباحثين على وشك فهم كيفية عمل آليات الدماغ تختلف بين الجنسين، وماذا يمكن أن تعني هذه الاختلافات لخلق بيئات التعلم المثلى (أساليب التدريس والضبط) للبنين والبنات. وفي الوقت نفسه، لا زال الخبراء والمعلمين والآباء يناقشون إيجابيات وسلبيات تعليم كل جنس في مدارس منفصلة.
منقول للفائدة
الأربعاء أكتوبر 07 2015, 11:28 من طرف مهاجي30
» الفرض الاول علمي في مادة الأدب العربي
السبت نوفمبر 22 2014, 14:57 من طرف slim2011
» الفرض الاول ادب عربي شعبة ادب و فلسفة
السبت أكتوبر 18 2014, 06:35 من طرف عبد الحفيظ10
» دروس الاعلام الآلي كاملة
الثلاثاء سبتمبر 23 2014, 09:24 من طرف mohamed.ben
» دروس في الهندسة الميكانيكية
الخميس سبتمبر 18 2014, 04:37 من طرف nabil64
» وثائق هامة في مادة الفيزياء
الأربعاء سبتمبر 10 2014, 21:12 من طرف sabah
» طلب مساعدة من سيادتكم الرجاء الدخول
الجمعة سبتمبر 05 2014, 19:57 من طرف amina
» مذكرات الأدب العربي شعبة آداب و فلسفة نهائي
الجمعة سبتمبر 05 2014, 19:53 من طرف amina
» مذكراث السنة الثالثة ثانوي للغة العربية شعبة ادب
الثلاثاء أغسطس 19 2014, 07:29 من طرف walid saad saoud
» les fiches de 3 as* projet I**
الجمعة يوليو 11 2014, 11:51 من طرف belaid11