أثر العولمة علي الثقافة
إعداد / سهام فوزي
هناك العديد من التعريفات التي تناولت مفهوم الثقافة قد يكون من أهمها:
1- الثقافة :هي ما يشعر الأفراد به أو يقومون بعمله بما يختلف عن أفراد اخرين لا يشعرون بالأشياء ذاتها أو يقومون بعملها .
2- مجموعة القيم أو الممارسات لجزء أصغر من الكل بما يعني أنها تتسم بالخصوصية .
3- الثقافة هي وسيلة لتلخيص الطرق التي تميز الجماعات نفسها بها عن سائر الجماعات ، فهي تمثل ما هو مشترك داخل الجماعة وربما ليس مشتركا تماما خارجها .
4- الثقافة تعبير يستخدم للدلالة علي خصائص محددة داخل الجماعة في مقابل غيرها من الجماعات .
5- يعرف فالرشتاين الثقافة بأنها مفهوم يشير إما إلي سمات مشتركة داخل جماعة تميزها عن غيرها من الجماعات أو إلي تمييز طبقي داخل الجماعات التي ترجح مجموعة من السمات الأولي علي غيرها . مثال علي ذلك ثقافة الأسرة البرجوازية في العصر الفيكتوري بقيمها الخاصة والتي تختلف عن ثقافة الطبقة الدنيا .
بعد تعريف مفهوم الثقافة يجب القول أن البحث في علاقة الثقافة والعولمة يحتاج أولا الإشارة إلي مجموعة من الملاحظات المتعلقة بكليهما:
1- العولمة ليست عملية تتم في إتجاه واحد ولا تأتي من مصدر واحد ولا تحظي اثارها بتوزيع متساوي في وضع عالمي يتسم بالتفاوت البين في التطور .
2- محلية العولمة :عبارة إتخذها اليابانيون منذ عام 1980 للتعبير عن عملية تكييف ما هو عالمي لمختلف الظروف المحلية.
3- لا يمكن تبرير القيم والممارسات الثقافية دون ربطها ببعض المعايير المفترض عالميتها .
4- هناك عمليتان تحدثان علي المستوي الثقافي :الإندماج الثقافي والتفكيك الثقافي وهي لا تحدث علي مستوي الدول فحسب بل يمكن أن تحدث علي مستوي عابر للقوميات أو المجتمعات .
5- كل جماعة لها ثقافتها الخاصة ، وكل فرد هو عضو في العديد من الجماعات – جماعات تصنف تبعا للنوع أو العرق أو اللغة أو الطبقة ومن ثم فإن كل فرد يشارك في العديد من الثقافات
6- قد تلجأ الجماعات أحيانا إلي إستخدام التميز الثقافي كنوع من انماط التعبئة السياسية وبالتالي فإنها تنشأ أعضاءها علي تعبيرات وقيم ثقافية تميزهم عن غيرهم .
7- قضايا التماسك أو الإنقسام الداخلي في جماعة ما وقضايا التمييز بين الجماعات كانت دائما محورا هاما سواء كطريقة يفهم بها الأفراد والجماعات أنفسهم أو كوسيلة لإقناع الغير بأولوية مجموعة من السلوكيات عن غيرها بالنسبة للجماعة .
8- لا جدوي من تحديد ما إذا كانت الثقافة الحديثة تقوض دعائم الواقع أم تعززه فهي تقوم بكليهما معا وهي لا تفعل كلا منهما إلا مع الآخر .
9- العولمة ليست مرادفا للتجانس ( وهو ما لا يعني انها لا تشمل عمليات تجانس جزئية ) بل ينبغي إعتبارها إطارا جديدا للتمييز.
10 – إن الطرق التي حاولت من خلالها المجتمعات القومية أن تتعلم من غيرها وأن تحافظ علي احساسها بالهوية وأن تعزل نفسها عن ضغوط الإتصال في ذات الوقت إنما تشكل أيضا جانبا مهما من جوانب خلق ثقافة عالمية .
11- المقاومة الثقافية : تواجدت منذ قديم الأزل ثقافات شعبية مستقرة نسبيا أكدت قيمها وثقافتها ضد ثقافات النخبة .
12- هناك أنماط فردية من المقاومة الثقافية وهي التي تتجه للحرية كإستراتيجية ، وهذه الأنماط تلقائية وتحتاج بصورة أقل إلي وضع القيم المهيمنة في الحسبان ومن ثم تصبح أكثر صعوبة في التحكم بالنسبة إلي السلطات وهذه الأنماط تتضمن قدرا اقل من التنظيم الإجتماعي .
إن محاولة استكشاف أثر العولمة على الثقافة يتضمن الحديث في رأيي عن مجموعة من القضايا أهمها:
1-أثر العولمة علي الهوية
يمكن تعريف الهوية بأنها تلك الأحاسيس والقيم المتعلقة بإحساس الإستمرارية والذكريات المشتركه وشعور بوحدة المصير يجمع بين فئة من الناس لها تجارب وسمات ثقافية مشتركة .
إن الهوية هي التي تحدد خطابنا المتعلق بداخل الذات وخارجها وعلاقتنا بالآخر(الفرد والمجتمع) تتحدد داخل ذلك المنطق الخاص بالهوية التي تمنحنا الإطمئنان رغم كل التغيرات المحيطه بنا إلا إننا نواصل بصورة ما وجودنا بالطريقة نفسها .
تكوين الهوية الإجتماعية : يري علماء الإجتماع ان الهويات تتكون وتكتسب قوتها خلال عمليات التفاعل المتبادل حيث أن عملية تكوين الهوية تتضمن عمليتا بناء وإعادة بناء دائمتين علي مدي حياة الأفراد والجماعات وفي خلال أدائهم لأدوارهم المختلفة .
وأي هوية لكي تكتسب قوتها وتصبح مميزه لافرادها يجب أن تتصف بما يلي :
1- وضع الحدود الرمزية الناتجه عن الشعور بالإختلاف الثقافي واللغوي عن الخارج .
2- لكي تصبح الهوية الجماعية ملموسة فإنها تحتاج إلي أبنية للمعاني ، فاكساب الهوية معاني وفكرتنا عن المعاني التي تمثلها هذه الهوية والشعور بأنها تربطنا بآخرين هو ما يجعل اي هوية قادره علي البقاء ومن الأدوات التي تكسب الهوية المعني ( الفنون-الثقافة الشعبية – العادات والتقاليد – التركيز علي الماضي وأمجاده الأساطير المتعلقه بالأصل المشترك ).
3 العلاقات القوية اللازمة لتحويل هذه الهوية إلي معاني وهذه العملية قد تمارس فيها بعض الجماعات والأفراد دورا أكبر من غيرهم حيث يقومون في هذه العملية بتحديد من نحن وما الذي يوحدنا ويجعلنا مختلفين عن غيرنا .
اثر العولمة علي الهوية : إن العولمة بما تحمله من تغيرات زادت من حالة عدم اليقين والشك لدي الافراد حيث انها حملت معاها العديد من التأثيرات والتغيرات :
1- في العقود الأخيرة انفصلت جوانب النظام الإجتماعي السياسية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية عن بعضها البعض وتزامن هذا الإنفصال مع كونها أصبحت مرتبطه ببنية العولمة وهذا الإرتباط عمق من حالة التشظي والتجزء الموجوده داخل المجتمع وطرح التساؤل حول فكرة المجتمع كنظام موحد ومتماسك مؤسسيا . وأعطي إشارة إلي عودة قضايا التجزئة الثقافية وقضايا الإثنيات الي الحياة العامة وتضاؤل التماسك الداخلي في مجتمعات لأفراد .
2- أدت العولمة إلي تعرض الأفراد إلي خبرات وتأثيرات مدهشه وغزو ثقافي في عقر دارهم مما فرض عليهم تحديد هوياتهم في عالم يحتوي معاني متعارضه .
3- إن الجوانب المختلفة للعولمة التي تزامنت مع التغيرات الجغرافية أدت إلي وجود مجموعة مترابطه من المشاكل التي لا يمكن لأحد أن يهرب من نتائجها والتي تحتاج إلي التعاون العالمي من أجل حلها .
4- أدت التجربة الذاتية للأفراد مع العولمة إلي أن يبدؤا بالتفكير في أنفسهم بصورة جماعية وتنامي إهتمام الأفراد بالقضايا الإنسانية المشتركه وأصبحنا مؤهلين لأول مرة في التاريخ لقبول التعدد القيمي وحق كل ثقافه في أن تشغل حيزا في الفضاء العالمي .
5- ادي ظهور المشاكل العالمية المشتركه وتنامي النظرة الجماعية لأنفسنا إلي بداية تكون الملامح الأولي للمجتمع المدني العالمي.
العولمة والمجتمع :أزمة هوية
إن التغيرات المصاحبة للعولمة أدت إلي تجزئة وتشظي الأرضية الثقافية للمجتمع وهي الأمور التي كانت تعطينا مركزا محددا كأفراد إجتماعيين وكانت هذه الأبنية تحدد وتعرف هويتنا الإجتماعية وهويتنا الشخصية وبما ان هذه الأبنية تتفكك فإن الأفراد يفقدون أيضا الشعور الذي أحسوه من قبل بإمتلاكهم مكان في العالم الإجتماعي والثقافي يساعدهم في تحديد هويتهم وبالتالي بدء شعور الأفراد بأنهم كل متحد يتعرض للإضطراب وأصبحت هويتهم الشخصية (الهوية المتعلقة بكل شخص بوصفه إنسان مميز) هي المرجع في تفسير وتحديد الإستجابات لما يحدث مما جعل هناك إمكانية لتمحور الأفراد حول الهويات الأولية وإحتمالية ظهور أشكال متطرفة من سياسات الهوية التي تحاول مقاومة التهميش والإستبعاد وإنبعاث التمرد القائم علي أسس إثنية أو قومية أو دينية .
2- يري البعض أن الرجوع إلي الهويات التقليدية وإعتبارها حصنا ضد العولمة قد يدفع الكثير من السكان في الدول الغنية التي تستقبل الهجرات (الدول الغنية ) إلي إستبعاد ورفض القادمين من الدول المجزأة عرقيا أو مهمشين أو القادمين من الدول الفقيرة ويشير البعض هنا إلي أزمة عدم اليقين التي تواجه الأوربيون حيث عليهم التعايش مع ثقافات الأقليات التي تسكن في الدول الأوربية والتي قدمت وهي تحمل ثقافاتها معها كما أن علي الأوربيين في ذات الوقت أن يواجهوا التأثيرات الأمريكية واليابانية عليهم وفي ذات الوقت فإن عليهم بناء هوية قارية جديده تشمل الإتحاد الأوروبي ولذلك نري أن الأحزاب الرافضه لاستقبال المهاجرين في فرنسا والنمسا بدأت تجتذب الناخبين الأوربيون.
إن أزمة الهوية تطرح مجموعة من الأسئلة مثل :
1- ما نوع الأزمة التي نواجهها ؟
2- هل التحول المرتبط بالعولمة يشكل أزمة للجميع وبنسبة متساوية ؟
لكي نستطيع الإجابة علي هذه الأسئلة فإننا يجب أولا أن نضع إجابة لأمرين هامين
1- مدي قدرة النظرية الإجتماعية بما تقدمه من مفاهيم أساسية وإفتراضات متضمنة علي تفسير وفهم الواقع الحالي .
2- هل هناك أبعاد معيارية أو ظواهر تساعد علي التعرف علي الكيفية التي يواجه بها البشر هذه التغيرات ويرونها تمثل تهديدا لهم وإعاقة لهم وهل هذه النظرة يتبناها جميع الأفراد وفي جميع المواقف
الصعوبات النظرية : إن تأثير العولمة علي الهوية طرح تساؤلا جوهريا عن مدي إستمرار وبقاء الأبنية التي كانت تنتج الفاعلين الإجتماعيين وهناك قائمة من الكيانات التي تتعرض لهذه المشكلة مثل :
1- المجتمع كوحده محددة المعالم داخل الدولة القومية
2- عملية تعميم الغير والقواعد الحاكمة التي يجب أن تكون متماسكة بما يكفي لكي تصبح قادرة علي تقديم نموذج للقيادة
3- الوحدات صغيرة الحجم والتي بنيت حول علاقات إجتماعية موجوده بين عدد من الفاعلين المحدودين والقائمة علي أساس الإعتراف المتبادل والإلتزامات والولاءات لكل ما سبق فإن هناك من يري أن المجتمع فقد معناه ولذلك فإن هناك حاجة إلي إجراء تقييم جذري لعلم الإجتماع الذي يراه البعض أصبح مجزأ كما تجزء المجتمع.
الخلاصة
1- بناء الهوية عملية لا تكتمل ولا تنتهي أبدا فهي في تطور وتغير مستمرين
2- الهوية تخبرنا بتاريخين إحداهما هنا (أنا) والآخر هناك ( الأخر)
3- إن العولمة تحتاج إلي وجود أشخاص قادرين علي أداء مهمة البناء الذاتي والمستمرة للهوية وإعادة البناء وقادرين علي التعامل مع الخبرات المتغيرة التي يتعرضون لها
4- إن الفاعل الإجتماعي المعاصر في حاجه ماسة إلي هويته الشخصية ونطاق من الإستقلالية يتماشي معها حتي يستطيع التعامل مع عصر العولمة بكل تحدياته .
5- أن أزمة الهوية المرتبطه بالعولمة قد تخبرنا أحيانا بالتحديات التي تواجه بعض المفاهيم الإجتماعية الموجوده .
6- هناك إحتمالية بوجود أمم وجماعات تري أن العولمة تحديا وليس أزمه و يمكن التعامل معه ومواجهته مما يكسب الامة والجماعة قوة .
ثانيا : الدولة القومية
الدول القومية تمثل كيانات حديثة نسبيا فالعالم الذي يتكون من هذه الدول القومية لم يظهر للوجود جزئيا إلا في القرن 16 ولم تتحول إلي وعي واسع الإنتشار في القرن 19 ثم بعد ذلك أصبحت ظاهرة عالمية لا يمكن الفكاك منها في عام 1945.
التحديات التي تواجه الدولة القومية :
داخليا :منذ النصف الأخير من القرن الماضي ونتيجه لظهور العديد من أشكال الحياة الجماعية بدأت الإرتباطات الأولية في تحدي مفهوم الدولة القومية من الداخل وبدأت تعزز من فكرة ان اشكال المواطنة القائمة علي الإرتباطات الأولية والجغرافية تحل محل الإلتزام الإجتماعي في المجتمعات المتنوعة إثنيا وثقافيا .
خارجيا: تشكل حركة البشر عبر الحدود كباحثين عن وظائف ولا جئين تحديا آخر للدولة القومية ومفهوم المواطنة التقليدي .
وعلي الرغم من أن لكل دولة القومية خصوصية تميزها إلا أن الدول القومية تشبه بعضها البعض أكثر وأكثر من ناحية أشكالها الثقافية ( ما الدول التي لا تمتلك أشكالا سياسية معينة :هيئة تشريعية ودستورا وبيروقراطية ) وحتي في مجال الأشكال الفنية ما البلد الذي لا يمتلك فنا خاصا به ؟
علي الرغم من أن الدول كانت تأمل في بداية تكونها أن تحقق نوعا من التجانس الثقافي والعنصري بين سكانها وألا تحتوي علي مقاطعات تحتوي سكانا غرباء عنها إلا أن التنوع الثقافي والعنصري أصبح حقيقة في جميع دول العالم .
وحاولت الدول منذ بداية تكوينها أن تقدم أداة ما لكي توحد افرادها وتتغلب علي الانقسامات السائدة وكانت القومية وسيلة فعالة لتحقيق ذلك حيث نظر لها علي أنها هوية أساسية وطبيعية .
تعريف القومية :
1- يمكن تعريف القومية بأنها إنتماء الأفراد لمجموعة من من الرموز والمعتقدات التي تؤكد الجماعية بين أفراد النظام السياسي
2- كما يمكن أن تعرف القومية علي أنها تقدم صورة الأمة كشكل واضح أو مستتر هي نوع من الهوية الجماعية يرتبط بالدولة كشكل تام أو متوقع للتنظيم السياسي وتشكل مرجعية للامه تساعد في تفسير نشط وتلقائي لكل تجارب الامة ومن ثم الدولة .
3- ايضا يمكن أن نعرف القومية علي أنها تضفي علي الهوية الجماعية والتراث الثقافي السمات المميزة ولا تستطيع أن تفعل ذلك إلا بالتعبير عنهما سياسيا .
4- إن القومية هي علاقة وثيقة وحديثة بين الثقافة والسلطة .
5- ويري جلنر ان الدولة كوحدة سياسية ينبغي أن تتزامن مع الأمة كوحدة ثقافية وهذا هو مضمون القومية ،فالقومية تفترض تفسيرا محددا للسلطة السياسية ومكانتها في الحياة الإجتماعية وتفرز أحاسيس وتوجهات تسهل الإرتباط بالهياكل القائمة للسلطة وتسعي إلي قيام حركات تسعي لتطبيق مبادئها ولما كانت الثقافة المشتركة شرطا ضروريا لوجود الجماعة القومية فإن القومية تعني تعريف الوحدات السياسية من منظور الحدود الثقافية |.
6- إن القومية تعرف السلطة وتبررها من منظور الثقافة لا العكس والقومية كحركة وايديولوجية تعتمد علي الأمة ككيان ثقافي .
تكوين الدولة القومية :
1- سعت الدولة الحديثة منذ بداية نشأتها للحد من الولاءات والإنقسمات داخلها وإستبعادها لأنها قد تقف حجر عثرة في طريق الوحدة الوطنية وسعت إلي توحيد سكانها وأعلت من شأن الوحدة وانغمست في دعاية لا تتوقف عن وحدة التوجهات وحاولت بناء ذكريات تاريخية مشتركه وبذلت قصاري جهدها لقمع الذكريات التي يصعب صهرها في تراث مشترك وهي تبشر بوحدة الهدف ووحدة المصيروكانت الدولة سلطة تنظيمية تحدد الفارق بين النظام والفوضي وغربلة الملائم من غير الملائم وإضفاء الشرعية علي نمط دون غيره أي أنها كانت تشجع التماثل والتوحد وكان مبدأ وجود قانون موحد لكل من يقيمون في إقليم ما ، وهوية للمواطن يدل علي أن أفراد المجتمع بإعتبارهم موضع إهتمام الدولة لا يتميز أحدهم عن الآخر .
2-كانت سلطة الدولة الحديثة تعني تجريد إدارة الذات الجماعية وآليات تخليد الذات المحلية أو المركزية من سلطتها ومن ثم كانت تعني إضعاف الأسس الإجتماعية للمواريث وأنماط الحياة الجماعية أو المركزية وهو ما أدي إلي كسر الآلية وثبات الحقائق وشاركت الدولة في الإدارة المدروسة للعمليات الإجتماعية علي نطاق غير مسبوق وكان عليها أن تخلق كل ما كان ينشأ من تلقاء نفسه فيما مضي.
3- علي الرغم من كل ذلك إلا أنه وجدت فجوة بين التوحد الكامن في فكرة الأمة والتغاير الفعلي للأنماط الثقافية داخل النطاق الخاضع لإدارة الدولة الموحدة مما شكل تحديا ومشكله تمثل رد فعل الدولة القومية إزاءها في حملات ثقافية تستهدف تدمير الآليات الجماعية المستقلة لإفراز الوحدة الثقافية لايجاد اساسا يمكن ان تنمو عليه علاقة اوثق بين الثقافة و السلطة مما يجعلنا نستطيع إضافة بعد جديد لتعريف فيبر عن الدولة وهو إحتكار العنف المشروع وإحتكار التعليم المشروع .
4- وتميزت الحقبة التي تكونت فيها الدولة القومية بالتعصب الثقافي والضيق بكل إختلاف ورفض القوميون فكرة أن المواطنة في حد ذاتها كافية لدعم حق الحكومة في الحكم ورأوا ان هذا الحق يرجع إلي كيان جمعي هو الأمة مما يوفر معيارا جديدا للمواطنة التي رأوا انها يجب أن تعطي لأفراد الامة التي تسود وأصبح المبدأ السائد في تلك الحقبة ان كل دولة يجب أن تمثل أمة وكل أمة يجب أن يكون لها دولتها الخاصة وهذا المبدأ خيالي لم يوجد بعد لكن الدول القومية حاولت أن تمثل أمة عن طريق إستخدام حقها في السيادة من أجل خلق الأمة إما عن طريق محاولة جعل الأعضاء الذين لا ينظر إليهم علي إنهم قومين مشابهين لها تماما أو تدمير القوميات التي لا تتفق مع القومية المهيمنة .
5- واصبح مقبولا خلال القرن 19 الإفتراض بأن الجنس البشري في حد ذاته مقسم إلي عرقيات مختلفة من بينها من يناسب أكثر من غيره واستخدمت الأيديولوجية العنصرية كمبرر من أن جماعة ما تعد أدني مرتبة من جماعة أخري من الناحية الوراثية أو الثقافية من جماعة أخري بحيث يصبح من غير المتوقع أن تقوم الجماعة الأدني مرتبة بأداء أية مهام كالجماعة التي يفترض أنها الأرقي .
6- في ظل هذا الإتجاه قامت الدول القومية بعمليات دمج ثقافي كانت بمثابة إعلان حرب علي الخصائص والسمات الأجنبية وتولت إحدي فئات المجتمع ممارسة حق إحتكاري بتعريف بعض الفئات الأخري وسماتها بأنها أجنبية وتم مزج الولاء والإستحقاق السياسي (شروط المواطنة ) بمسألة التوافق الثقافي والذي كان هو هدف الحملة الثقافية التي قامت بها الدولة والمحك الذي تختبر به عضوية الأمة وكان التوافق الثقافي شرطا في الحصول علي المواطنة .
كما هدف الدمج إلي نزع الثقة من المصادر الجماعية المنافسة للسلطة اإجتماعية وتجريدها من قوتها وإضعاف قبضة مثل هذه الفئات المنافسة علي أفرادها أي أنه كان يهدف إلي إقصاء مثل هذه الفئات بإعتبارها فئات منافسة فعالة و تجريد السلطات الجماعية من نفوذها. علي الرغم من كل محاولات الدولة للحد من الولاءات والإنتماءات والإنقسامات واستيعاب الاختلافات او تغييرها او تعديلها او تذويبها إلا أنها لم تحقق نجاحا كبير .
ملاحظات علي عملية الدمج الثقافي :
1- كانت درجات تقبل أفراد الجماعة المستهدفة بالدمج الثقافي متفاوته لهذه العملية مما كان يؤدي إلي أن تتراجع الفئات المتقدمة والتي استوعبت الدمج بدرجات وسرعة أكبر بسبب عرقلة الفئات المتأخرة نسبيا .
2- إصطدم الطابع المكتسب للسمات الثقافية بالطبيعة الموروثة للعضوية القومية المختبئة وراء معادلة الثقافة المشتركة وقد ادي تشابهها الثقافي إلي جعل الغرباء المتحولين ثقافيا مختلفين عن غيرهم فهم ليسوا مثلنا تماما ومتهمين بالإزدواجية وعلي الرغم من ترحيبهم بالدمج الثقافي إلا أنهم بقوا يشعرون لأسباب متعددة وخاصة بسبب استمرار العنصرية ضدهم فإنهم بقوا مهمشين اقتصاديا واجتماعيا كما ادت هذه السياسة الي ان يرفض بعض هذه الجماعات مواطنة الدولة ويطالبوا بانشاء دولتهم المستقلة .وبذلك كان الدمج الثقافي هازما لنفسه.
3- ادت عملية الدمج الي انشاء مجموعة من المندمجين الذين اغتربوا عن جماعتهم الاصلية ولكن هذا لم يؤد الي تقبل كامل وغير مشروط لهم من جانب الأمة السائدة وانتقلوا الي جماعة لا تقل اغترابا وتهميشا عن تلك التي فروا منها وشكلت هذه الجماعة رؤية خاصة بها تميل الي تاكيد الطابع العالمي للقيم الثقافية والثورة علي كل ضيق افق .
ان العولمة فرضت علي الدولة تحديات عديدة أهمها
1- ادي انتقال الافراد المتزايد الي مزيد من الضغوط علي الدولة لزيادة اعداد المقيمين علي اراضيها وكذلك الضغط المتزايد لدعم وتمثيل مصالح مواطنيها الذين يعيشون في الخارج .
2- بدأت بعض المجتمعات التي تعيش كجيوب تحت سيطرة الدولة بتعريف انفسهم بصورة مختلفة والمطالبة بحق حكم انفسهم .
3- ثورة المعلومات التي قامت علي الانتشار المتزايد للانترنت والقدره علي الوصول وسائل الاعلام المختلفة مكنت الجماعات الاثنية في اي دولة بالتعريف بانفسهم وتحديد هويتهم وحشد اعضائها الذين يعيشون داخل الوطن وخارجه والتواصل معهم من اجل تحقيق اهدافهم .
ولكن ما هي الجماعة الاثنية او العرقية؟
يري هال أن الإثنية هي نوع من الهوية الثقافية القوية والمحددة جيدا خاصة أنها لا تعتمد علي المعاني المشتركه فقط ولكنها تقوم ايضا علي اجيال طويلة من التزاوج الداخلي والاصل المشترك مع روابط سكانية ممتدة لفترات طويلة في اماكن محددة وهكذا تصبح الاثنية وكانها جزء من تكويننا البيولوجي .
دور التاريخ : ويلعب التاريخ الاثني باساطيره وقيمه وذكرياته ورموزه دورا هاما في تاكيد مكانة جماعة اصبحت تشعر بالاهمال والتهميش والاستبعاد في توزيع القيم المتنازع عليها والفرص .
التماسك الاجتماعي : ان فقدان التماسك الاجتماعي يدفع الناس شيئا فشيئا الي اكتشاف سبل جديدة لفهم الهوية والحفاظ عليها من الاندثار
حشد الاثنية : حين تفتقر الجماعة العرقية الي دول خاصة بها فقد تجازف بالذوبان في الدول التي توجد بها مالم تنشا طبقه متعلمة محلية قوية تكفي لحشد قطاعات عريضه من جماعتها علي اساس تاريخ عرقي وثقافة شعبية وكلما زاد التاريخ العرقي ثراء واكتمل توثيقه وازدادت اللغة المحلية انتشارا والعادات والتقاليد انتشارا قلت صعوبة اقناع الاخرين بالوجود الفعلي للامة .
التعدد الاثني والشرعية : سيادة الدولة هي اداة صنعتها اليات غير الدولة التي تكتسب الشرعية من خلال مصادر خارجه عن ذات الدولة وشرعية الدول ذات الحكم النيابي تستمد من مواطنيها الذين يمارسون السيادة بتفويض السلطة الي ممثلين سياسيين عنهم ولقد ادت العولمة الي ان تواجه الدول تحدي علي مستوي شرعيتها فهل يؤيد المواطنون الدولة طوعا باعتبارها ممثلا حقيقيا لمصالحهم اوينظرون لها بعدائية ، كما ان العولمة بنشرها مبادئ المساواة الفردية نشرت النزاع داخل الدولة فأعضاء كل جماعة اصبحوا يتوقعون فرصا متساوية في الحياة واصبحوا ينظرون للجماعات الاخري كمنافسين واعداء محتملين خاصة وان الجماعات التي تمتلك مزايا اكبر سيبحثون عن الوسائل التي تضمن لهم حماية مميزاتهم بينما سيناضل الناشطون من الجماعات المهمشه من اجل امتلاك المزايا التي وعدتهم بها المبادئ الجديدة ووصلت حدة هذا الصراع الي الحد الذي بدات معه بعض الجماعات الاثنية برفض مكانة المواطنة والنظر للدوله علي انها كيان غير شرعي ويطالبوا بتكوين دولتهم الخاصه بهم
إن الصلة التي تربط الدولة والأمة لها مستويان :
1- علي مستوي اي دولة قومية فهناك معركة تسعي فيها كل من الدولة والامة لالتهام الاخري وهذه الارض التي تنمو فيها النزعات الانفصالية الدامية التي ظهرت فجاة والهويات الصغيرة التي تحولت الي مشروعات سياسية داخل القومية.
2- تتشابك هذه العلاقة الانفصالية مع حالات الانفصال العالمية فالأفكار الخاصة بالأممية في إزدياد مستمر وتعبر حدود الدول القائمة بانتظام وقد يرجع هذا الي ان الهويات السابقة تمددت عبر مساحات قومية واسعة كما هو الحال مع الاكراد او لأن العروق الخاملة لشتات عبر قومي قد نشطت لتشعل السياسية الصغري لدولة القومية ( التاميل في سريلانكا ) .
موقف الدول من مشكلة التنوع الاثني :
1- يري البعض ان النظم الشمولية التي يحكمها حزب واحد اكثر قدرة علي قمع النزاع الاثني او الشكل الاكثر تطرفا له والذي يطالب بتكوين دولته الخاصه (القومية الاثنية ) ولكن هذه الانظمه عندما تسقط فان النزاعات الاثنية ستنتشر .
2- النظم الديمقراطية هي الاكثر قدرة علي مواجهة هذه المشكلة اما عن طريق
1- التمثيل النسبي في البرلمان الذي يمكن الاقليات السياسية من الحصول علي فرصة للمساهمة في صنع القرار السياسي خاصة عن طريق التحالف مع الكتل البرلمانية الكبري والنظام البرلماني أقدر من النظام الرئاسي في تطبيق نظام التمثيل النسبي حيث أن إختيار الرئيس في النظام الرئاسي يحتاج الي الوصول الي اجماع واسع للقائد الذي سيتولي الحكم ورئاسة الحكومة وهذا متعذر كحقيقة في التمثيل النسبي حتي مع الانتخابات فان المرشح الذي سيحصل علي اغلبية الاصوات قد يكون المرشح الثاني او الثالث لدي بعض الناخبين .ووكذلك في البرلمان فانه من الصعب الوصول الي اجماع وقد تجد الاحزاب الصغيره نفسها مهمشه حيث انها لا تمتلك القدرة علي الاشتراك في ائتلاف نيابي
2- الحكم الذاتي : في كثير من البلدان توجد مجتمعات اثنية تطالب بالحكم الذاتي او الاستقلال التام وعلي الرغم من صعوبة ان تقدم الدولة للجماعات الاثنية فان الدول الديمقراطية ذات النظام البرلماني قادرة علي تقديم الحكم الذاتي .
ان الحكم الذاتي لا يعني مجرد قانون يطبق داخل نطاق الدولة ولكنه يتضمن اعفاء المتمتعين بهذا الحق من القوانين واعطائهم السلطة لصنع قوانينهم الخاصة وهذا يتطلب في النظام الرئاسي موافقة الرئيس والبرلمان وربما عرض الأمر علي الإستفتاء الشعبي اما في النظام البرلماني فان البرلمان يمتلك السلطة المطلقه لصنع القرار والقوانين الأساسية اللازمة لتطبيق هذا القرار مما يجعل الوصول للحكم الذاتي في النظم البرلمانية أسهل . لم تكن المشكله الإثنية هي المشكله الوحيدة التي واجهتها الدولة فيما يتعلق بأثر العولمة عليها ولكن مفهوم المواطنة أيضا تأثر بالعولمه :
المواطنة : إن المرء يكتسب المواطنة بإحدي الطرق التالية :
1- عند الميلاد :أ- وراثيا من خلال والديه . ب- جغرافيا من خلال موقع ميلاده .
2- خلال حياة الفرد :
أصبح بإمكان المواطن أن يقوم بتغيير المواطنه وهذه الإمكانية مزدوجه :
أ – إمكانية إكتساب مواطنه جديده .
ب- إمكانية التخلي عن المواطنه القديمة .
لقد أدي تقسيم العمل وتدفقات السلع ورأس المال والعمالة الغير محدودة أو غير مقيدة جعل حدود الدولة قابلة للنفاذ وأدي إلي نوعين من الهجرة :
ا- في قمة مقياس الوظيفة أدي إلي إنتقال الناس من البلدان الغنية إلي البلدان الفقيرة وعادة هذا يكون لفترة قصيرة وهؤلاء لا يتم إستيعابهم وعادة ما يعتبرون أنفسهم حاملين لثقافة الجماعات المهيمنة في النظام العالمي .
ب – هجرة الأشخاص عند أسفل مقياس الوظيفة من البلدان الفقيرة إلي البلدان الغنية وهؤلاء يرغبون في البقاء وقد يرغب هؤلاء في الإستيعاب داخل الثقافة الوطنية للدول التي تستقبلهم أو يرفضوا الإستيعاب ويصبحوا أقلية تحتفظ بكل سمات ثقافات مجتمعاتهم التي قدموا منها .
ملاحظات حول مفهوم المواطنة :
1- كان اليونانيون هم أول من قالوا بأن أعضاء محددين في المجتمع يشكلون علاقة شراكه تعطيهم الحق في المساهمه في وضع وتنفيذ السياسات العامة ، فالمواطنه عندهم هي علاقة الإرتباط التي تجعل كلا منا يضع نفسه وكل قوته تحت قيادة التوجيه الأسمي مما يؤدي إلي التعاون .
2- منذ القرن الخامس قبل الميلاد والذي تم فيه فوز اليونانيون علي الفرس وحتي الثورة الفرنسية في نهاية القرن 18 بعد الميلاد فإن حكومات أغلب المجتمعات في العالم الغربي كانت تقوم علي بعض أشكال التبعية بطريقة أو بأخري لحكام مستبدين وكان أغلب الأفراد يعاملون علي أنهم تابعين أكثر من كونهم مواطنين .
3- فكرة العقد الإجتماعي عند روسو : لم يعتقد روسو أن الإلتزامات الإجتماعية يمكن تفسيرها في ضوء إتفاقيات بين أفراد يتصرفون بمعزل عن بعضهم البعض فالمجتمع عنده كان رابطه وليس تجمع أفراد ، وكان يري أن الأفراد عندما يتصرفون كجماعة فإن أبعادا أخلاقية للسلوك ستظهر وعندما نضع الفرد في المجموع تحت التوجيه الأعلي لإرادة القائد ويربط الأفراد بالمجتمعات فإن العقد الإجتماعي سينشأ إلتزامات وحقوق لم تكن موجوده من قبل .
4- من خلال المواطنة فإن المجتمع يعرف من ينتمي ومن لا ينتمي ولذلك فإن المواطنة هامة في وضع الحدود ولا تعرف فقط بالتضمين ولكن ايضا بالإقصاء .
المواطنة الإجتماعية ودولة الرفاهية : تأثرت الكتابات الحديثة عن المواطنة في الديمقراطيات الحديثة تأثرت بتحليل مارشال في كتاب المواطنة والطبقة الإجتماعية والذي يري فيه مارشال أن المواطنة توسعت في 3 صور :
1- ظهور المواطنة المدنية فعليا في أوائل القرن 18 عندما طورت الرأسمالية الإقتصادية مؤسسات تحمي الملكية الخاصة وتضمن حرية التعاقد وأعطت المواطنين مدخلا لمقايضات غير محدودة في السوق وأصبحت المواطنة إمتيازا يعطي للطبقة المالكه في السوق .
2- في القرن 19 إزداد نجاح الحقوق المدنية نتيجة للنجاح في الحصول علي حق التصويت للمواطنين .
3- بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية ظهر نوع جديد من أنواع المواطنة في صورة الحقوق الإجتماعية التي أعطت الطبقة العاملة قدرا يسيرا من الرفاهية الإقتصادية والآمان الإجتماعي والحق في المشاركة في ثروة المجتمع وغيرت الحقوق الإجتماعية مشاركة المواطنين ووضعت إفتراضا حول من ينتمي للمجتمع كعضو كامل ومن لاينتمي .
الفرق بين المواطنة الفردية والمواطنة الإجتماعية :
المواطنة الفردية (المدنية ): هي خصوصية الأفراد والمستهلكين والذين يجب حماية حرياتهم في الإختيار من التدخل الحكمومي ويري مارشال أن المواطنة المدنية تعطي لكل شخص كجزء من وضعه الفردي القوة للمشاركة كوحدة مستقلة في الصراع الإقتصادي ولكنها في ذات الوقت تنكر علي الأفراد الحماية الإجتماعية حيث ان الفرد مزود بالطرق التي تساعده علي حماية ذاته .
المواطنة الإجتماعية : تحمي الأفراد عن طريق خلق حقوق عالمية للدخل الحقيقي الذي لا يتناسب مع إدعاءات قيم السوق .
ويري البعض أن المواطنة الفردية والمواطنة الإجتماعية في صراع مع بعضهما البعض ، فالمواطنة الإجتماعية بمعناها الحق في المشاركة في المجتمع تعني خضوع حرية الأفراد للعدالة الإجتماعية وخضوع قوي السوق إلي مؤسسات الدولة ، ولذلك فإن الحقوق الفردية التي تحمي المواطنين ضد إنتهاك حرياتهم فهي حقوق سلبية ( تمنع ) ، أما الحقوق الإجتماعية فهي حقوق إيجابية تعطي المواطنين مدخلا للخدمات العامة فمن خلال التعليم العام والرعاية الصحية المقبولة فإن الحكومة تخلق الشروط الضرورية التي تمكن السكان من التنافس في السوق والمشاركه في الرفاهية الإقتصادية ، ومن خلال الحقوق الإجتماعية فإن المواطنة أصبحت ممتدة لكل القاطنين علي إقليم ما طالما أنهم يدفعون الضرائب ويساهمون في تمويل البنية العامة التحتية اللازمه لإدارة سوق العمل وأصبحت المواطنة سلعة إقتصادية والضرائب هي الثمن الذي يدفع لها .
دولة الرفاهية :
إن دور الدولة كمقدم لخدمات الرفاهية ودورها المميز كمولد للحقوق الإجتماعية أدي إلي زيادة هائلة في النفقات العامة وزيادة الضرائب المفروضه وزيادة توقعات المواطنين وزيادة تكلفة توفير الرفاهية المرتبطة بالتقدم التكنولوجي والطلب المتزايد مما أدي إلي فشل الدولة في تقديم الخدمات بالكمية والنوعية التي يرغب بها المواطنين وتعرض دولة الرفاهية إلي إنتقادات شديدة وظهور أشكال جديده من تقسيم العمل بين الدولة ومزودين إضافيين للخدمات الإنسانية ، وبدأ الحديث عن أن دور الدولة هو حماية المواطنين من إنتهاك حرياتهم في المجال الخاص وضمان حرية السوق ولذلك ينظر للمواطنين علي أنهم مستهلكين يجب حماية حرياتهم من التدخل الحكومي وفي ذات الوقت فإن المشروعات الخاصة والمنظمات الغير هادفه للربح تعد وسيلة لتقديم الخدمات الإنسانية التي كانت تقدم سابقا من قبل الحكومة .
هناك ثلاث إستراتيجيات لدمج خدمات الرفاهية وإعادة هيكلة العقد الإجتماعي :
1- الإستراتيجية اللامركزية : نقل بعض برامج الرفاهية من المستوي القومي إلي المستوي المحلي حيث تصبح الحكومات المحلية بالتعاون مع المنظمات الخاصة هي المسئولة عن تقديم الخدمات التي تخص الأفراد مما يؤدي لزيادة مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار .
2- الإستراتيجية الثانية وهي الإدارة العامة الجديدة والتي تهدف لتعريض الحكومة لتنافس أكبر من قبل الكيانات الخاصة التي تعمل كحزب حكومي ثالث والعقود تصبح مرهونة بكفاءة وأداء الإدارة ويتم إستخدام إجراءات الإدارة الخاصة في المجال العام والمواطنون يصبحون هنا عملاء أكثر من كونهم مشاركين في صنع القرار العام ، والحكومة في ظل هذه الإستراتيجية تبقي مسيطرة بشدة علي الرفاهية وتحتفظ بالمسئولية التامة عن إيصال الخدمات .
3- الشراكة بين العام والخاص والذي يؤكد علي أهمية الشراكة بين الطرفين في توفير خدمات الرفاهية للمجتمعات في توفير خدمات الرفاهية للمجتمعات المحلية وتشرك هذه الإستراتيجية المواطنين كمتطوعين ووكلاء للتنمية المحلية مما يؤدي إلي تحريك طاقات المهمشين والمواطنين العاطلين .
إن الإستراتيجيات السابقة كانت محاولة من دولة الرفاهية للإستجابة والتكيف مع الضغوط الداخلية والخارجية التي تعرض لها مفهوم الدولة كآلية مركزية للتكامل الإجتماعي ، فالهوية الوطنية بصورتها الأكثر تطورا المواطنة الثقافية تتعرض لهجوم شديد من جانب جماعات إجتماعية ذات هوية محددة تعمل كأداة تكاملية لبعض أعضاء المجتمع الذين يختلفون عن أغلبية المجتمع والذين يلتزمون بأن يحلوا محل الدولة القومية كآلية تكاملية مسيطرة ولذلك ظهرت الدعوة إلي الوصول إلي أنواع جديدة من المواطنة تحقق التكامل والتماسك والإستقرار وأهم هذه الأنواع هي :
أ: المواطنة السكنية ودور الحكومة المحلية :-
إن الإتجاه نحو تقليل سلطة الدولة لحساب المستويات المحلية ساهم في تناقص ربط هوية الأفراد بالدولة القومية وفي هذا المجال ظهرت المراكز الحضرية كفضاءات إجتماعية جديدة في العديد من المجتمعان تكون أقرب إلي الشعور بما يحس به المواطنون في حياتهم اليومية من الحكومة المركزية وتجتذب المقيمون فيها الذين هم بحاجه إلي الخدمات الإجتماعية ويرغبون بالهرب من سيطرة وتحكم السلطة العامة ولذلك فالمدن تساعد تطوير شكل جديد من أشكال المواطنة وهي المواطنة السكنية والتي إرتبط ظهورها داخل المجتمعات الغربية بالمجال المادي للمراكز الحضرية والتي تحدث فيها الحياة الإجتماعية حيث يتجمع الناس للتفاعل والتناقش في الإهتمامات المشتركة وحل إختلافاتهم .
والمجال العام للمدينة يتألف من نوعين :
1- الأماكن العامة مثل الحدائق العامة علي سبيل المثال والتي تقدم الفرصه للناس الذين لا يعرفون بعضهم بالإجتماع معا والتعريف عن نفسهم لباقي سكان المدينة .
2- الأماكن الضيقة مثل أماكن السكن مثلا وهي التي يتجمع الأفراد فيها كجزء من نفس الشبكة الإجتماعية وفيها يشكلون مصالحهم وهوياتهم .
إن جوهر هذه المواطنة هو التفاعل بين السكان المحليين وأفعالهم والحقوق والواجبات تولد من خلال العلاقات الإجتماعية التي يتعرف بها المواطنون علي بعضهم البعض . وعلي الرغم من أن الحكومة المحلية لا تعد عاملا مؤسسا للمواطنة السكنية ، إلا أنها تلعب دورا هاما كمؤسسة تضمن الحقوق وللحكومه المحلية مسؤليات محددة:
1- فرض الضرائب لزيادة مواردها المالية ذاتيا بدلا من الإعتماد علي الحكومة المركزية وفي ظل غياب نظام ضرائب محلية مرن فإن الإشراف القضائي علي الضرائب يجب أن يكون آلية مركزية وملائمة إقتصاديا .
2- السيطرة والرقابة الديموقراطية فالمجال العام للمدينة لا يمكن أن يبقي مفتوحا ومتاحا للجميع دونما وجود سلطة عامة منتخبة ديموقراطيا ولكن وجود مثل هذه الحكومة طرح تساؤلأ هاما وهو هل يحق للزوار والمقيمين مؤقتا التمتع بحق التصويت ؟
والسلطة القوية المحكومة ديمقراطيا هامة لأن الأماكن العامة بل وحتي الخاصة ليست فقط متنفسا للتفاعل المدني ولكنها قد تصبح أيضا الأرضية التي تضم الأنشطة التي تشكل تحديا لوحدة وإستقرار المجتمع .
2: الديمقراطية التوافقية : يري هذا النموذج أن التوافق وسيلة هامة لبناء المجتمعات وتعزيز المشاركة لتلك الفئات الإجتماعية والسياسية واٌلإقتصادية التي يتم تهميشها عادة ولكن النظرة إلي أن التوافق لعب دورا هاما كوسيلة لتحقيق التكامل في المجتمعات الديمقراطية لم يمض دون أن ينتقد ، فالرغبة في الوصول إلي التوافق قد تؤدي إلي الشقاق الذي قد يجعلنا أكثر ميلا إلي إضطهاد غيرنا بدلا من التعاون وقد تدفعنا إلي الإرتباط أكثر بالإنتماءات الأولية حيث أنها تعد القوة القادرة علي التعبير عن حاجات الأفراد الإقتصادية والإجتماعية ولذلك فإن القدرة علي فهم العوالم الأخلاقية المختلفة عنا هي التي تساعد في تكوين أساسا للعيش المشترك أكثر من الإجماع أو الأيديولوجية الواحدة إن التوافق لا يهدف إلي تحقيق الإجماع ولكنه يهدف إلي ملاحظة طرق الحياة الأخري والإعتراف بها مما يساعد علي زيادة إرتباط المجتمع عوضا عن تفرقه .
تأثير العولمة علي المواطنة : أصبحت الدولة القومية أقل قدرة علي الحصول علي ولاء مواطنيها السياسي فكلما تزايدت قوة الشركات المتعددة الجنسيات وسقطت الحواجز التجارية فإن أهمية الدولة تتناقص ، وكذلك فإن إنتشار وسائل الإتصالات وزيادة أعداد المهاجرين وتدفق رأس المال جعلت الدولة التي تعودنا عليها منذ الحرب العالمية الثانية غير واضحة المعالم ، وظهرت الحاجة إلي التوصل إلي أنواع جديدة من المواطنة تتجاوز حدود المواطنة القومية وقيود الدولة القومية ولذلك ظهرت الدعوة للمواطنة الكومية والمواطنة عبر القومية .
المواطنة الكونية : وضعت لمواجهة الإنتماءات القومية الضيقة عن طريق تقديم مجموعة جديدة من الحقوق والواجبات القابلة للتطبيق علي كافة الجنس البشري وليس الدولة القومية فقط وأن تستبدل السلطة والإكراه الخصائص العامة للدولة بالحوار والإجماع .
المواطنة العابرة للقومية : تعترف بأن الدولة القومية حقيقة وان غالبية عظمي من المواطنين علي الساحة الدولية سوف تواصل التمسك بالإنتماء الوطني ( القومي ) ولكن إزدياد عدد الأشخاص ذوي الإرتباط بأكثر من دولة أدي إلي الحاجة لوجود نوع من المواطنة تعطيهم حقوق في كل البلدان التي يرتبطون بها ، إن هذه المواطنة تهدف إلي إيجاد مؤسسة تجمع بين المواطنة القومية وتعترف في ذات الوقت بالإرتباطات القومية المتعددة .
الميثاق العالمي للأمم المتحدة :
يري البعض ان المنظمة الوحيدة القادرة علي أن تأخذ بفكرة المواطنة فوق القومية هي الأمم المتحدة ، ولقد إقترح كوفي عنان في عام 1991 فكرة الميثاق العالمي الذي يتضمن مبادئ عالمية ( حقوق الإنسان ، الحقوق البيئية ، حقوق العمل ) والهدف من هذا الميثاق هو تشجيع المبادرات من الحكومات القومية من أجل خلق نوع من اشكال المواطنة العابرة للقوميات بالتعاون مع الفاعلين الإجتماعيين العالميين مثل الأمم المتحدة ونقابات العمال ومنظمات المجتمع المدني ، كما أن علي السلطات الوطنية أن توفر التمويل المناسب لمعالجة المشاكل العالمية ( عدم التوظيف و الفقر والجوع ).
في ختام الحديث عن أثر العولمة علي الدولة والمواطنة والإثنية يمكن أن نلاحظ ما يلي :
1- هناك إتجاه نحو خصخصة الجنسية أو تجريد الدولة من السمة القومية أو الفصل بين الدولة والأمة وتوصف هذه العملية عند البعض بأنها صحوة الإثنيات ، ويرجع هذا الفصل إلي إقامة أسس غير ثقافية وغير أيديولجية بديلة لسلطة الدولة مما يعني أن حقبة الحملات الثقافية التي تقودها في طريقها إلي زوال .
2- الثقافة نفسها بعد أن فقدت دورها الأساسي في ضمان الدمج الإجتماعي بدأت تتحول إلي جزء من النطاق الخاص وأصبحت الإثنية إحدي فئات الرموز التي يتم تفسير الهويات الفردية وتأكيدها بالرجوع إليها ،فلم يعد هناك سوي القليل من قوي الطرد التي كانت تضعف الإندماج الإثني وهناك طلب قوي علي التميز الإثني المعلن ولو بصورة رمزية أكثر من كونها مؤسسية .
3- الإختلافات الإثنية قد تؤدي في ظل هذه الظروف درجة من العداء والصراع أقل مما كانت تفرزه فيما مضي حيث أن إعادة ترسيم الحدود التي تعد سمة أصيلة للثقافة المعاصرة والسهولة التي يتم إجتيازها بها في غياب حرس الحدود الذين تستخدمهم الدولة تجعل صور العداء أكثر ضحالة وأقصر عمرا وأقل راديكالية وبإعلان الدول لعدم إهتمامها بالتعدية الإثنية وبتنفيذها لذلك تتاح فرصة للتسامح أفضل من أي وقت مضي .
مدي إمكانية وجود ثقافة عالمية
كان المفكرون الليبراليون أمثال ميل وسبنسر يرون أن قددرة البشرية علي التكييف تزداد في مراحل محددة حيث أدت الحداثة إلي تآكل النزعة المحلية وأوجدت مجتمعات ضخمة كانت مرونتها وشموليتها بذوبان كل الحدود والتصنيفات بين إنسانية واحدة .
وكان الإشتراكيون مثل ماركس وإنجلز يتطلعان إلي ذبول الدولة القومية وتدويل الثقافات الأوربية وقد تقبل كلاهما وكل من جاء بعدهما من الشيوعيين الواقع الراهن للحدود والثقافات القومية وسلموا بالحاجه إلي إدارة الصراع الطبقي في إطار تلك الحدود إلا أنهم كانوا يتطلعون إلي يوم تتمكن فيه الثورة الإشتراكية من صب قيم البروليتاريا في الثقافات العرقية والقومية وتسمو فيه البشرية علي تصنيفاتها دون إلغائها رسميا ، وجاءت الحرب العالمية الثانية لتبين مدي سطوة الإيديولوجيات فوق القومية من عنصرية ورأسمالية وشيوعية علي قطاعات عريضه من البشرية بصورة ساعدت علي إحياء الأمل في تجاوز أكبر عقبة نحو سياسة وثقافة عالميتين حقيقيتين وهي الدولة القومية وكانت الثقافتان الشيوعية والرأسمالية تسعيان إلي إيجاد بديل إيجابي للثقافة القومية .كان السوفيتيون يريدون خلق إنسان سوفيتي يكون إنتماؤه أيديولجيا للجماعة السياسية الجديدة حتي وغن إحتفظ بنوع من التضامن المعنوي مع جماعته العرقية ، وكانوا يفترضون في هذه الجماعات والجمهوريات العرقية أن تندمج معا في النهاية وتنشأ ثقافة سوفيتية حقيقية بعد فتره من التعاون .
أما في الولايات المتحدة فلقد كان الإنتماء لجماعات عرقية يمثل قيمة أكبر وكانت إحتياجات هذه الجماعات وحقوقها معترفا بها طالما كانت تخضع في النهاية للجماعة السياسية الأكبر واصبحت الإثنية أحد المبادئ الأساسية التنظيمية ولو بصورة غير رسمية للمجتمع الأمريكي ولكن دون أن تفسد الولاء الأكبر للمواطن تجاه الولايات المتحدة وقيمها .
إذا كانت التجربتان الروسية والأمريكية أوضحتا عن إمكانية أن تتجاوز الإمبرياليات الثقافية الجديدة القومية فإن مشروع إيجاد جماعة أوربية حقيقية كان ينبئ بالأسلوب الذي يمكن إيجاد ثقافة عالمية به ، ودار الجدل حول الشكل المستقبلي لمثل هذه الجماعة فوق القومية الذي أسفر عن صيغة جديدة للجماعة الأوربية القائمة علي الوحدة مع التنوع ، وكان هناك توازنا بين القوانين الإقتصادية المشتركة والسياسات الإجتماعية والإقتصادية للدول الأعضاء في الجماعة وسيادة سياسية مشتركة بين الدول الأعضاء وتراث أوربي مشترك مما أدي إلي ولادة المواطن الأوربي الجديد الذي يوازن بين الثقافات المتداخلة لشعوب اوروبا علي إختلافها ، ولكن علي الرغم مما سبق ألا أنه لا يزال هناك المشككين في إمكانية وجود ثقافة عالمية وفيما يلي اهم الحجج التي إستخدمها كلا من مؤيدي إمكانية وجود ثقافة عالمية والمعارضين لهذه الفكرة :
أولا : المؤيدون
1- طرح بعض الناس لآلاف من السنين أفكارا أكدوا أنها تمثل قيما أو حقائق عالمية ، كما أن الخمسين سنة الأخيرة أكدت خلالها الكثير من الحكومات القومية فضلا عن المؤسسات العالمية صحة مثل هذه القيم وإمكانية تنفيذها ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948) .
2-علي الرغم من إشتمال الكرة الأرضية علي عدد كبير من المجموعات المتميزه والمتمايزة إلا أنه مع مرور الزمن فإن نطاق مختلف الأنشطة قد توسع تدريجيا واندمجت بعض المجموعات وسوف تصل تدريجيا بمساعدة العلم والتكنولوجيا إلي عالم سياسي واحد وعالم إقتصادي واحد وعالم ثقافي واحد.
3- الإختلافات التاريخية بين المجموعات كانت سطحية وعلي الرغم من وجود العديد من الهياكل المختلفة إلا أنها كانت تشكل سلسلة ذات طابع نمطي ( نظرية المراحل في التطور البشري ) بما أن المجتمعات كانت تتحرك خلال مراحل متوازية فإننا نصل في النهاية إلي النتيجة نفسها عالم بشري واحد ومن ثقافة عالمية .
4- الثقافة مسألة تتعلق بتعريف الحدود التي تعتمد علي التعريفات ، والتعريفات ليست موحدة عالميا أو حتي حققت إتساقا عبر الزمن وتعريف الثقافة مهما كان لا يعني أن الأفراد الذين ينتمون إلي مجموعة معينة يؤمنون بقيمها المفترضة أو يشتركون في ممارستها وبالتالي لماذا يتم ترسيم الحدود في ذلك الموضع تحديدا .
5- إن حقبة الدولة القومية ولت وهناك عالم جديد من القوي العظمي والعمالقة الإقتصاديون والشركات متعددة الجنسيات ولا مكان في عالم كهذا للدول المتوسطة ناهيك عن الجماعات العرقية الكامنة بنزعاتها القومية المتناحرة والمنقسمة بعبارة أخري فنطاق أنشطة الشركات المتعددة الجنسيات ومواردها ومرونتها التخصصية تساعدها علي تقديم اللغة المجازية والمعلومات علي نطاق عالمي تقريبا ، وتهدد بإغراق الشبكات الثقافية للوحدات الأكثر محلية بما في ذلك الشعوب والجماعات العرقية .
6- إن عالم اليوم هو عالم تع
إعداد / سهام فوزي
هناك العديد من التعريفات التي تناولت مفهوم الثقافة قد يكون من أهمها:
1- الثقافة :هي ما يشعر الأفراد به أو يقومون بعمله بما يختلف عن أفراد اخرين لا يشعرون بالأشياء ذاتها أو يقومون بعملها .
2- مجموعة القيم أو الممارسات لجزء أصغر من الكل بما يعني أنها تتسم بالخصوصية .
3- الثقافة هي وسيلة لتلخيص الطرق التي تميز الجماعات نفسها بها عن سائر الجماعات ، فهي تمثل ما هو مشترك داخل الجماعة وربما ليس مشتركا تماما خارجها .
4- الثقافة تعبير يستخدم للدلالة علي خصائص محددة داخل الجماعة في مقابل غيرها من الجماعات .
5- يعرف فالرشتاين الثقافة بأنها مفهوم يشير إما إلي سمات مشتركة داخل جماعة تميزها عن غيرها من الجماعات أو إلي تمييز طبقي داخل الجماعات التي ترجح مجموعة من السمات الأولي علي غيرها . مثال علي ذلك ثقافة الأسرة البرجوازية في العصر الفيكتوري بقيمها الخاصة والتي تختلف عن ثقافة الطبقة الدنيا .
بعد تعريف مفهوم الثقافة يجب القول أن البحث في علاقة الثقافة والعولمة يحتاج أولا الإشارة إلي مجموعة من الملاحظات المتعلقة بكليهما:
1- العولمة ليست عملية تتم في إتجاه واحد ولا تأتي من مصدر واحد ولا تحظي اثارها بتوزيع متساوي في وضع عالمي يتسم بالتفاوت البين في التطور .
2- محلية العولمة :عبارة إتخذها اليابانيون منذ عام 1980 للتعبير عن عملية تكييف ما هو عالمي لمختلف الظروف المحلية.
3- لا يمكن تبرير القيم والممارسات الثقافية دون ربطها ببعض المعايير المفترض عالميتها .
4- هناك عمليتان تحدثان علي المستوي الثقافي :الإندماج الثقافي والتفكيك الثقافي وهي لا تحدث علي مستوي الدول فحسب بل يمكن أن تحدث علي مستوي عابر للقوميات أو المجتمعات .
5- كل جماعة لها ثقافتها الخاصة ، وكل فرد هو عضو في العديد من الجماعات – جماعات تصنف تبعا للنوع أو العرق أو اللغة أو الطبقة ومن ثم فإن كل فرد يشارك في العديد من الثقافات
6- قد تلجأ الجماعات أحيانا إلي إستخدام التميز الثقافي كنوع من انماط التعبئة السياسية وبالتالي فإنها تنشأ أعضاءها علي تعبيرات وقيم ثقافية تميزهم عن غيرهم .
7- قضايا التماسك أو الإنقسام الداخلي في جماعة ما وقضايا التمييز بين الجماعات كانت دائما محورا هاما سواء كطريقة يفهم بها الأفراد والجماعات أنفسهم أو كوسيلة لإقناع الغير بأولوية مجموعة من السلوكيات عن غيرها بالنسبة للجماعة .
8- لا جدوي من تحديد ما إذا كانت الثقافة الحديثة تقوض دعائم الواقع أم تعززه فهي تقوم بكليهما معا وهي لا تفعل كلا منهما إلا مع الآخر .
9- العولمة ليست مرادفا للتجانس ( وهو ما لا يعني انها لا تشمل عمليات تجانس جزئية ) بل ينبغي إعتبارها إطارا جديدا للتمييز.
10 – إن الطرق التي حاولت من خلالها المجتمعات القومية أن تتعلم من غيرها وأن تحافظ علي احساسها بالهوية وأن تعزل نفسها عن ضغوط الإتصال في ذات الوقت إنما تشكل أيضا جانبا مهما من جوانب خلق ثقافة عالمية .
11- المقاومة الثقافية : تواجدت منذ قديم الأزل ثقافات شعبية مستقرة نسبيا أكدت قيمها وثقافتها ضد ثقافات النخبة .
12- هناك أنماط فردية من المقاومة الثقافية وهي التي تتجه للحرية كإستراتيجية ، وهذه الأنماط تلقائية وتحتاج بصورة أقل إلي وضع القيم المهيمنة في الحسبان ومن ثم تصبح أكثر صعوبة في التحكم بالنسبة إلي السلطات وهذه الأنماط تتضمن قدرا اقل من التنظيم الإجتماعي .
إن محاولة استكشاف أثر العولمة على الثقافة يتضمن الحديث في رأيي عن مجموعة من القضايا أهمها:
1-أثر العولمة علي الهوية
يمكن تعريف الهوية بأنها تلك الأحاسيس والقيم المتعلقة بإحساس الإستمرارية والذكريات المشتركه وشعور بوحدة المصير يجمع بين فئة من الناس لها تجارب وسمات ثقافية مشتركة .
إن الهوية هي التي تحدد خطابنا المتعلق بداخل الذات وخارجها وعلاقتنا بالآخر(الفرد والمجتمع) تتحدد داخل ذلك المنطق الخاص بالهوية التي تمنحنا الإطمئنان رغم كل التغيرات المحيطه بنا إلا إننا نواصل بصورة ما وجودنا بالطريقة نفسها .
تكوين الهوية الإجتماعية : يري علماء الإجتماع ان الهويات تتكون وتكتسب قوتها خلال عمليات التفاعل المتبادل حيث أن عملية تكوين الهوية تتضمن عمليتا بناء وإعادة بناء دائمتين علي مدي حياة الأفراد والجماعات وفي خلال أدائهم لأدوارهم المختلفة .
وأي هوية لكي تكتسب قوتها وتصبح مميزه لافرادها يجب أن تتصف بما يلي :
1- وضع الحدود الرمزية الناتجه عن الشعور بالإختلاف الثقافي واللغوي عن الخارج .
2- لكي تصبح الهوية الجماعية ملموسة فإنها تحتاج إلي أبنية للمعاني ، فاكساب الهوية معاني وفكرتنا عن المعاني التي تمثلها هذه الهوية والشعور بأنها تربطنا بآخرين هو ما يجعل اي هوية قادره علي البقاء ومن الأدوات التي تكسب الهوية المعني ( الفنون-الثقافة الشعبية – العادات والتقاليد – التركيز علي الماضي وأمجاده الأساطير المتعلقه بالأصل المشترك ).
3 العلاقات القوية اللازمة لتحويل هذه الهوية إلي معاني وهذه العملية قد تمارس فيها بعض الجماعات والأفراد دورا أكبر من غيرهم حيث يقومون في هذه العملية بتحديد من نحن وما الذي يوحدنا ويجعلنا مختلفين عن غيرنا .
اثر العولمة علي الهوية : إن العولمة بما تحمله من تغيرات زادت من حالة عدم اليقين والشك لدي الافراد حيث انها حملت معاها العديد من التأثيرات والتغيرات :
1- في العقود الأخيرة انفصلت جوانب النظام الإجتماعي السياسية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية عن بعضها البعض وتزامن هذا الإنفصال مع كونها أصبحت مرتبطه ببنية العولمة وهذا الإرتباط عمق من حالة التشظي والتجزء الموجوده داخل المجتمع وطرح التساؤل حول فكرة المجتمع كنظام موحد ومتماسك مؤسسيا . وأعطي إشارة إلي عودة قضايا التجزئة الثقافية وقضايا الإثنيات الي الحياة العامة وتضاؤل التماسك الداخلي في مجتمعات لأفراد .
2- أدت العولمة إلي تعرض الأفراد إلي خبرات وتأثيرات مدهشه وغزو ثقافي في عقر دارهم مما فرض عليهم تحديد هوياتهم في عالم يحتوي معاني متعارضه .
3- إن الجوانب المختلفة للعولمة التي تزامنت مع التغيرات الجغرافية أدت إلي وجود مجموعة مترابطه من المشاكل التي لا يمكن لأحد أن يهرب من نتائجها والتي تحتاج إلي التعاون العالمي من أجل حلها .
4- أدت التجربة الذاتية للأفراد مع العولمة إلي أن يبدؤا بالتفكير في أنفسهم بصورة جماعية وتنامي إهتمام الأفراد بالقضايا الإنسانية المشتركه وأصبحنا مؤهلين لأول مرة في التاريخ لقبول التعدد القيمي وحق كل ثقافه في أن تشغل حيزا في الفضاء العالمي .
5- ادي ظهور المشاكل العالمية المشتركه وتنامي النظرة الجماعية لأنفسنا إلي بداية تكون الملامح الأولي للمجتمع المدني العالمي.
العولمة والمجتمع :أزمة هوية
إن التغيرات المصاحبة للعولمة أدت إلي تجزئة وتشظي الأرضية الثقافية للمجتمع وهي الأمور التي كانت تعطينا مركزا محددا كأفراد إجتماعيين وكانت هذه الأبنية تحدد وتعرف هويتنا الإجتماعية وهويتنا الشخصية وبما ان هذه الأبنية تتفكك فإن الأفراد يفقدون أيضا الشعور الذي أحسوه من قبل بإمتلاكهم مكان في العالم الإجتماعي والثقافي يساعدهم في تحديد هويتهم وبالتالي بدء شعور الأفراد بأنهم كل متحد يتعرض للإضطراب وأصبحت هويتهم الشخصية (الهوية المتعلقة بكل شخص بوصفه إنسان مميز) هي المرجع في تفسير وتحديد الإستجابات لما يحدث مما جعل هناك إمكانية لتمحور الأفراد حول الهويات الأولية وإحتمالية ظهور أشكال متطرفة من سياسات الهوية التي تحاول مقاومة التهميش والإستبعاد وإنبعاث التمرد القائم علي أسس إثنية أو قومية أو دينية .
2- يري البعض أن الرجوع إلي الهويات التقليدية وإعتبارها حصنا ضد العولمة قد يدفع الكثير من السكان في الدول الغنية التي تستقبل الهجرات (الدول الغنية ) إلي إستبعاد ورفض القادمين من الدول المجزأة عرقيا أو مهمشين أو القادمين من الدول الفقيرة ويشير البعض هنا إلي أزمة عدم اليقين التي تواجه الأوربيون حيث عليهم التعايش مع ثقافات الأقليات التي تسكن في الدول الأوربية والتي قدمت وهي تحمل ثقافاتها معها كما أن علي الأوربيين في ذات الوقت أن يواجهوا التأثيرات الأمريكية واليابانية عليهم وفي ذات الوقت فإن عليهم بناء هوية قارية جديده تشمل الإتحاد الأوروبي ولذلك نري أن الأحزاب الرافضه لاستقبال المهاجرين في فرنسا والنمسا بدأت تجتذب الناخبين الأوربيون.
إن أزمة الهوية تطرح مجموعة من الأسئلة مثل :
1- ما نوع الأزمة التي نواجهها ؟
2- هل التحول المرتبط بالعولمة يشكل أزمة للجميع وبنسبة متساوية ؟
لكي نستطيع الإجابة علي هذه الأسئلة فإننا يجب أولا أن نضع إجابة لأمرين هامين
1- مدي قدرة النظرية الإجتماعية بما تقدمه من مفاهيم أساسية وإفتراضات متضمنة علي تفسير وفهم الواقع الحالي .
2- هل هناك أبعاد معيارية أو ظواهر تساعد علي التعرف علي الكيفية التي يواجه بها البشر هذه التغيرات ويرونها تمثل تهديدا لهم وإعاقة لهم وهل هذه النظرة يتبناها جميع الأفراد وفي جميع المواقف
الصعوبات النظرية : إن تأثير العولمة علي الهوية طرح تساؤلا جوهريا عن مدي إستمرار وبقاء الأبنية التي كانت تنتج الفاعلين الإجتماعيين وهناك قائمة من الكيانات التي تتعرض لهذه المشكلة مثل :
1- المجتمع كوحده محددة المعالم داخل الدولة القومية
2- عملية تعميم الغير والقواعد الحاكمة التي يجب أن تكون متماسكة بما يكفي لكي تصبح قادرة علي تقديم نموذج للقيادة
3- الوحدات صغيرة الحجم والتي بنيت حول علاقات إجتماعية موجوده بين عدد من الفاعلين المحدودين والقائمة علي أساس الإعتراف المتبادل والإلتزامات والولاءات لكل ما سبق فإن هناك من يري أن المجتمع فقد معناه ولذلك فإن هناك حاجة إلي إجراء تقييم جذري لعلم الإجتماع الذي يراه البعض أصبح مجزأ كما تجزء المجتمع.
الخلاصة
1- بناء الهوية عملية لا تكتمل ولا تنتهي أبدا فهي في تطور وتغير مستمرين
2- الهوية تخبرنا بتاريخين إحداهما هنا (أنا) والآخر هناك ( الأخر)
3- إن العولمة تحتاج إلي وجود أشخاص قادرين علي أداء مهمة البناء الذاتي والمستمرة للهوية وإعادة البناء وقادرين علي التعامل مع الخبرات المتغيرة التي يتعرضون لها
4- إن الفاعل الإجتماعي المعاصر في حاجه ماسة إلي هويته الشخصية ونطاق من الإستقلالية يتماشي معها حتي يستطيع التعامل مع عصر العولمة بكل تحدياته .
5- أن أزمة الهوية المرتبطه بالعولمة قد تخبرنا أحيانا بالتحديات التي تواجه بعض المفاهيم الإجتماعية الموجوده .
6- هناك إحتمالية بوجود أمم وجماعات تري أن العولمة تحديا وليس أزمه و يمكن التعامل معه ومواجهته مما يكسب الامة والجماعة قوة .
ثانيا : الدولة القومية
الدول القومية تمثل كيانات حديثة نسبيا فالعالم الذي يتكون من هذه الدول القومية لم يظهر للوجود جزئيا إلا في القرن 16 ولم تتحول إلي وعي واسع الإنتشار في القرن 19 ثم بعد ذلك أصبحت ظاهرة عالمية لا يمكن الفكاك منها في عام 1945.
التحديات التي تواجه الدولة القومية :
داخليا :منذ النصف الأخير من القرن الماضي ونتيجه لظهور العديد من أشكال الحياة الجماعية بدأت الإرتباطات الأولية في تحدي مفهوم الدولة القومية من الداخل وبدأت تعزز من فكرة ان اشكال المواطنة القائمة علي الإرتباطات الأولية والجغرافية تحل محل الإلتزام الإجتماعي في المجتمعات المتنوعة إثنيا وثقافيا .
خارجيا: تشكل حركة البشر عبر الحدود كباحثين عن وظائف ولا جئين تحديا آخر للدولة القومية ومفهوم المواطنة التقليدي .
وعلي الرغم من أن لكل دولة القومية خصوصية تميزها إلا أن الدول القومية تشبه بعضها البعض أكثر وأكثر من ناحية أشكالها الثقافية ( ما الدول التي لا تمتلك أشكالا سياسية معينة :هيئة تشريعية ودستورا وبيروقراطية ) وحتي في مجال الأشكال الفنية ما البلد الذي لا يمتلك فنا خاصا به ؟
علي الرغم من أن الدول كانت تأمل في بداية تكونها أن تحقق نوعا من التجانس الثقافي والعنصري بين سكانها وألا تحتوي علي مقاطعات تحتوي سكانا غرباء عنها إلا أن التنوع الثقافي والعنصري أصبح حقيقة في جميع دول العالم .
وحاولت الدول منذ بداية تكوينها أن تقدم أداة ما لكي توحد افرادها وتتغلب علي الانقسامات السائدة وكانت القومية وسيلة فعالة لتحقيق ذلك حيث نظر لها علي أنها هوية أساسية وطبيعية .
تعريف القومية :
1- يمكن تعريف القومية بأنها إنتماء الأفراد لمجموعة من من الرموز والمعتقدات التي تؤكد الجماعية بين أفراد النظام السياسي
2- كما يمكن أن تعرف القومية علي أنها تقدم صورة الأمة كشكل واضح أو مستتر هي نوع من الهوية الجماعية يرتبط بالدولة كشكل تام أو متوقع للتنظيم السياسي وتشكل مرجعية للامه تساعد في تفسير نشط وتلقائي لكل تجارب الامة ومن ثم الدولة .
3- ايضا يمكن أن نعرف القومية علي أنها تضفي علي الهوية الجماعية والتراث الثقافي السمات المميزة ولا تستطيع أن تفعل ذلك إلا بالتعبير عنهما سياسيا .
4- إن القومية هي علاقة وثيقة وحديثة بين الثقافة والسلطة .
5- ويري جلنر ان الدولة كوحدة سياسية ينبغي أن تتزامن مع الأمة كوحدة ثقافية وهذا هو مضمون القومية ،فالقومية تفترض تفسيرا محددا للسلطة السياسية ومكانتها في الحياة الإجتماعية وتفرز أحاسيس وتوجهات تسهل الإرتباط بالهياكل القائمة للسلطة وتسعي إلي قيام حركات تسعي لتطبيق مبادئها ولما كانت الثقافة المشتركة شرطا ضروريا لوجود الجماعة القومية فإن القومية تعني تعريف الوحدات السياسية من منظور الحدود الثقافية |.
6- إن القومية تعرف السلطة وتبررها من منظور الثقافة لا العكس والقومية كحركة وايديولوجية تعتمد علي الأمة ككيان ثقافي .
تكوين الدولة القومية :
1- سعت الدولة الحديثة منذ بداية نشأتها للحد من الولاءات والإنقسمات داخلها وإستبعادها لأنها قد تقف حجر عثرة في طريق الوحدة الوطنية وسعت إلي توحيد سكانها وأعلت من شأن الوحدة وانغمست في دعاية لا تتوقف عن وحدة التوجهات وحاولت بناء ذكريات تاريخية مشتركه وبذلت قصاري جهدها لقمع الذكريات التي يصعب صهرها في تراث مشترك وهي تبشر بوحدة الهدف ووحدة المصيروكانت الدولة سلطة تنظيمية تحدد الفارق بين النظام والفوضي وغربلة الملائم من غير الملائم وإضفاء الشرعية علي نمط دون غيره أي أنها كانت تشجع التماثل والتوحد وكان مبدأ وجود قانون موحد لكل من يقيمون في إقليم ما ، وهوية للمواطن يدل علي أن أفراد المجتمع بإعتبارهم موضع إهتمام الدولة لا يتميز أحدهم عن الآخر .
2-كانت سلطة الدولة الحديثة تعني تجريد إدارة الذات الجماعية وآليات تخليد الذات المحلية أو المركزية من سلطتها ومن ثم كانت تعني إضعاف الأسس الإجتماعية للمواريث وأنماط الحياة الجماعية أو المركزية وهو ما أدي إلي كسر الآلية وثبات الحقائق وشاركت الدولة في الإدارة المدروسة للعمليات الإجتماعية علي نطاق غير مسبوق وكان عليها أن تخلق كل ما كان ينشأ من تلقاء نفسه فيما مضي.
3- علي الرغم من كل ذلك إلا أنه وجدت فجوة بين التوحد الكامن في فكرة الأمة والتغاير الفعلي للأنماط الثقافية داخل النطاق الخاضع لإدارة الدولة الموحدة مما شكل تحديا ومشكله تمثل رد فعل الدولة القومية إزاءها في حملات ثقافية تستهدف تدمير الآليات الجماعية المستقلة لإفراز الوحدة الثقافية لايجاد اساسا يمكن ان تنمو عليه علاقة اوثق بين الثقافة و السلطة مما يجعلنا نستطيع إضافة بعد جديد لتعريف فيبر عن الدولة وهو إحتكار العنف المشروع وإحتكار التعليم المشروع .
4- وتميزت الحقبة التي تكونت فيها الدولة القومية بالتعصب الثقافي والضيق بكل إختلاف ورفض القوميون فكرة أن المواطنة في حد ذاتها كافية لدعم حق الحكومة في الحكم ورأوا ان هذا الحق يرجع إلي كيان جمعي هو الأمة مما يوفر معيارا جديدا للمواطنة التي رأوا انها يجب أن تعطي لأفراد الامة التي تسود وأصبح المبدأ السائد في تلك الحقبة ان كل دولة يجب أن تمثل أمة وكل أمة يجب أن يكون لها دولتها الخاصة وهذا المبدأ خيالي لم يوجد بعد لكن الدول القومية حاولت أن تمثل أمة عن طريق إستخدام حقها في السيادة من أجل خلق الأمة إما عن طريق محاولة جعل الأعضاء الذين لا ينظر إليهم علي إنهم قومين مشابهين لها تماما أو تدمير القوميات التي لا تتفق مع القومية المهيمنة .
5- واصبح مقبولا خلال القرن 19 الإفتراض بأن الجنس البشري في حد ذاته مقسم إلي عرقيات مختلفة من بينها من يناسب أكثر من غيره واستخدمت الأيديولوجية العنصرية كمبرر من أن جماعة ما تعد أدني مرتبة من جماعة أخري من الناحية الوراثية أو الثقافية من جماعة أخري بحيث يصبح من غير المتوقع أن تقوم الجماعة الأدني مرتبة بأداء أية مهام كالجماعة التي يفترض أنها الأرقي .
6- في ظل هذا الإتجاه قامت الدول القومية بعمليات دمج ثقافي كانت بمثابة إعلان حرب علي الخصائص والسمات الأجنبية وتولت إحدي فئات المجتمع ممارسة حق إحتكاري بتعريف بعض الفئات الأخري وسماتها بأنها أجنبية وتم مزج الولاء والإستحقاق السياسي (شروط المواطنة ) بمسألة التوافق الثقافي والذي كان هو هدف الحملة الثقافية التي قامت بها الدولة والمحك الذي تختبر به عضوية الأمة وكان التوافق الثقافي شرطا في الحصول علي المواطنة .
كما هدف الدمج إلي نزع الثقة من المصادر الجماعية المنافسة للسلطة اإجتماعية وتجريدها من قوتها وإضعاف قبضة مثل هذه الفئات المنافسة علي أفرادها أي أنه كان يهدف إلي إقصاء مثل هذه الفئات بإعتبارها فئات منافسة فعالة و تجريد السلطات الجماعية من نفوذها. علي الرغم من كل محاولات الدولة للحد من الولاءات والإنتماءات والإنقسامات واستيعاب الاختلافات او تغييرها او تعديلها او تذويبها إلا أنها لم تحقق نجاحا كبير .
ملاحظات علي عملية الدمج الثقافي :
1- كانت درجات تقبل أفراد الجماعة المستهدفة بالدمج الثقافي متفاوته لهذه العملية مما كان يؤدي إلي أن تتراجع الفئات المتقدمة والتي استوعبت الدمج بدرجات وسرعة أكبر بسبب عرقلة الفئات المتأخرة نسبيا .
2- إصطدم الطابع المكتسب للسمات الثقافية بالطبيعة الموروثة للعضوية القومية المختبئة وراء معادلة الثقافة المشتركة وقد ادي تشابهها الثقافي إلي جعل الغرباء المتحولين ثقافيا مختلفين عن غيرهم فهم ليسوا مثلنا تماما ومتهمين بالإزدواجية وعلي الرغم من ترحيبهم بالدمج الثقافي إلا أنهم بقوا يشعرون لأسباب متعددة وخاصة بسبب استمرار العنصرية ضدهم فإنهم بقوا مهمشين اقتصاديا واجتماعيا كما ادت هذه السياسة الي ان يرفض بعض هذه الجماعات مواطنة الدولة ويطالبوا بانشاء دولتهم المستقلة .وبذلك كان الدمج الثقافي هازما لنفسه.
3- ادت عملية الدمج الي انشاء مجموعة من المندمجين الذين اغتربوا عن جماعتهم الاصلية ولكن هذا لم يؤد الي تقبل كامل وغير مشروط لهم من جانب الأمة السائدة وانتقلوا الي جماعة لا تقل اغترابا وتهميشا عن تلك التي فروا منها وشكلت هذه الجماعة رؤية خاصة بها تميل الي تاكيد الطابع العالمي للقيم الثقافية والثورة علي كل ضيق افق .
ان العولمة فرضت علي الدولة تحديات عديدة أهمها
1- ادي انتقال الافراد المتزايد الي مزيد من الضغوط علي الدولة لزيادة اعداد المقيمين علي اراضيها وكذلك الضغط المتزايد لدعم وتمثيل مصالح مواطنيها الذين يعيشون في الخارج .
2- بدأت بعض المجتمعات التي تعيش كجيوب تحت سيطرة الدولة بتعريف انفسهم بصورة مختلفة والمطالبة بحق حكم انفسهم .
3- ثورة المعلومات التي قامت علي الانتشار المتزايد للانترنت والقدره علي الوصول وسائل الاعلام المختلفة مكنت الجماعات الاثنية في اي دولة بالتعريف بانفسهم وتحديد هويتهم وحشد اعضائها الذين يعيشون داخل الوطن وخارجه والتواصل معهم من اجل تحقيق اهدافهم .
ولكن ما هي الجماعة الاثنية او العرقية؟
يري هال أن الإثنية هي نوع من الهوية الثقافية القوية والمحددة جيدا خاصة أنها لا تعتمد علي المعاني المشتركه فقط ولكنها تقوم ايضا علي اجيال طويلة من التزاوج الداخلي والاصل المشترك مع روابط سكانية ممتدة لفترات طويلة في اماكن محددة وهكذا تصبح الاثنية وكانها جزء من تكويننا البيولوجي .
دور التاريخ : ويلعب التاريخ الاثني باساطيره وقيمه وذكرياته ورموزه دورا هاما في تاكيد مكانة جماعة اصبحت تشعر بالاهمال والتهميش والاستبعاد في توزيع القيم المتنازع عليها والفرص .
التماسك الاجتماعي : ان فقدان التماسك الاجتماعي يدفع الناس شيئا فشيئا الي اكتشاف سبل جديدة لفهم الهوية والحفاظ عليها من الاندثار
حشد الاثنية : حين تفتقر الجماعة العرقية الي دول خاصة بها فقد تجازف بالذوبان في الدول التي توجد بها مالم تنشا طبقه متعلمة محلية قوية تكفي لحشد قطاعات عريضه من جماعتها علي اساس تاريخ عرقي وثقافة شعبية وكلما زاد التاريخ العرقي ثراء واكتمل توثيقه وازدادت اللغة المحلية انتشارا والعادات والتقاليد انتشارا قلت صعوبة اقناع الاخرين بالوجود الفعلي للامة .
التعدد الاثني والشرعية : سيادة الدولة هي اداة صنعتها اليات غير الدولة التي تكتسب الشرعية من خلال مصادر خارجه عن ذات الدولة وشرعية الدول ذات الحكم النيابي تستمد من مواطنيها الذين يمارسون السيادة بتفويض السلطة الي ممثلين سياسيين عنهم ولقد ادت العولمة الي ان تواجه الدول تحدي علي مستوي شرعيتها فهل يؤيد المواطنون الدولة طوعا باعتبارها ممثلا حقيقيا لمصالحهم اوينظرون لها بعدائية ، كما ان العولمة بنشرها مبادئ المساواة الفردية نشرت النزاع داخل الدولة فأعضاء كل جماعة اصبحوا يتوقعون فرصا متساوية في الحياة واصبحوا ينظرون للجماعات الاخري كمنافسين واعداء محتملين خاصة وان الجماعات التي تمتلك مزايا اكبر سيبحثون عن الوسائل التي تضمن لهم حماية مميزاتهم بينما سيناضل الناشطون من الجماعات المهمشه من اجل امتلاك المزايا التي وعدتهم بها المبادئ الجديدة ووصلت حدة هذا الصراع الي الحد الذي بدات معه بعض الجماعات الاثنية برفض مكانة المواطنة والنظر للدوله علي انها كيان غير شرعي ويطالبوا بتكوين دولتهم الخاصه بهم
إن الصلة التي تربط الدولة والأمة لها مستويان :
1- علي مستوي اي دولة قومية فهناك معركة تسعي فيها كل من الدولة والامة لالتهام الاخري وهذه الارض التي تنمو فيها النزعات الانفصالية الدامية التي ظهرت فجاة والهويات الصغيرة التي تحولت الي مشروعات سياسية داخل القومية.
2- تتشابك هذه العلاقة الانفصالية مع حالات الانفصال العالمية فالأفكار الخاصة بالأممية في إزدياد مستمر وتعبر حدود الدول القائمة بانتظام وقد يرجع هذا الي ان الهويات السابقة تمددت عبر مساحات قومية واسعة كما هو الحال مع الاكراد او لأن العروق الخاملة لشتات عبر قومي قد نشطت لتشعل السياسية الصغري لدولة القومية ( التاميل في سريلانكا ) .
موقف الدول من مشكلة التنوع الاثني :
1- يري البعض ان النظم الشمولية التي يحكمها حزب واحد اكثر قدرة علي قمع النزاع الاثني او الشكل الاكثر تطرفا له والذي يطالب بتكوين دولته الخاصه (القومية الاثنية ) ولكن هذه الانظمه عندما تسقط فان النزاعات الاثنية ستنتشر .
2- النظم الديمقراطية هي الاكثر قدرة علي مواجهة هذه المشكلة اما عن طريق
1- التمثيل النسبي في البرلمان الذي يمكن الاقليات السياسية من الحصول علي فرصة للمساهمة في صنع القرار السياسي خاصة عن طريق التحالف مع الكتل البرلمانية الكبري والنظام البرلماني أقدر من النظام الرئاسي في تطبيق نظام التمثيل النسبي حيث أن إختيار الرئيس في النظام الرئاسي يحتاج الي الوصول الي اجماع واسع للقائد الذي سيتولي الحكم ورئاسة الحكومة وهذا متعذر كحقيقة في التمثيل النسبي حتي مع الانتخابات فان المرشح الذي سيحصل علي اغلبية الاصوات قد يكون المرشح الثاني او الثالث لدي بعض الناخبين .ووكذلك في البرلمان فانه من الصعب الوصول الي اجماع وقد تجد الاحزاب الصغيره نفسها مهمشه حيث انها لا تمتلك القدرة علي الاشتراك في ائتلاف نيابي
2- الحكم الذاتي : في كثير من البلدان توجد مجتمعات اثنية تطالب بالحكم الذاتي او الاستقلال التام وعلي الرغم من صعوبة ان تقدم الدولة للجماعات الاثنية فان الدول الديمقراطية ذات النظام البرلماني قادرة علي تقديم الحكم الذاتي .
ان الحكم الذاتي لا يعني مجرد قانون يطبق داخل نطاق الدولة ولكنه يتضمن اعفاء المتمتعين بهذا الحق من القوانين واعطائهم السلطة لصنع قوانينهم الخاصة وهذا يتطلب في النظام الرئاسي موافقة الرئيس والبرلمان وربما عرض الأمر علي الإستفتاء الشعبي اما في النظام البرلماني فان البرلمان يمتلك السلطة المطلقه لصنع القرار والقوانين الأساسية اللازمة لتطبيق هذا القرار مما يجعل الوصول للحكم الذاتي في النظم البرلمانية أسهل . لم تكن المشكله الإثنية هي المشكله الوحيدة التي واجهتها الدولة فيما يتعلق بأثر العولمة عليها ولكن مفهوم المواطنة أيضا تأثر بالعولمه :
المواطنة : إن المرء يكتسب المواطنة بإحدي الطرق التالية :
1- عند الميلاد :أ- وراثيا من خلال والديه . ب- جغرافيا من خلال موقع ميلاده .
2- خلال حياة الفرد :
أصبح بإمكان المواطن أن يقوم بتغيير المواطنه وهذه الإمكانية مزدوجه :
أ – إمكانية إكتساب مواطنه جديده .
ب- إمكانية التخلي عن المواطنه القديمة .
لقد أدي تقسيم العمل وتدفقات السلع ورأس المال والعمالة الغير محدودة أو غير مقيدة جعل حدود الدولة قابلة للنفاذ وأدي إلي نوعين من الهجرة :
ا- في قمة مقياس الوظيفة أدي إلي إنتقال الناس من البلدان الغنية إلي البلدان الفقيرة وعادة هذا يكون لفترة قصيرة وهؤلاء لا يتم إستيعابهم وعادة ما يعتبرون أنفسهم حاملين لثقافة الجماعات المهيمنة في النظام العالمي .
ب – هجرة الأشخاص عند أسفل مقياس الوظيفة من البلدان الفقيرة إلي البلدان الغنية وهؤلاء يرغبون في البقاء وقد يرغب هؤلاء في الإستيعاب داخل الثقافة الوطنية للدول التي تستقبلهم أو يرفضوا الإستيعاب ويصبحوا أقلية تحتفظ بكل سمات ثقافات مجتمعاتهم التي قدموا منها .
ملاحظات حول مفهوم المواطنة :
1- كان اليونانيون هم أول من قالوا بأن أعضاء محددين في المجتمع يشكلون علاقة شراكه تعطيهم الحق في المساهمه في وضع وتنفيذ السياسات العامة ، فالمواطنه عندهم هي علاقة الإرتباط التي تجعل كلا منا يضع نفسه وكل قوته تحت قيادة التوجيه الأسمي مما يؤدي إلي التعاون .
2- منذ القرن الخامس قبل الميلاد والذي تم فيه فوز اليونانيون علي الفرس وحتي الثورة الفرنسية في نهاية القرن 18 بعد الميلاد فإن حكومات أغلب المجتمعات في العالم الغربي كانت تقوم علي بعض أشكال التبعية بطريقة أو بأخري لحكام مستبدين وكان أغلب الأفراد يعاملون علي أنهم تابعين أكثر من كونهم مواطنين .
3- فكرة العقد الإجتماعي عند روسو : لم يعتقد روسو أن الإلتزامات الإجتماعية يمكن تفسيرها في ضوء إتفاقيات بين أفراد يتصرفون بمعزل عن بعضهم البعض فالمجتمع عنده كان رابطه وليس تجمع أفراد ، وكان يري أن الأفراد عندما يتصرفون كجماعة فإن أبعادا أخلاقية للسلوك ستظهر وعندما نضع الفرد في المجموع تحت التوجيه الأعلي لإرادة القائد ويربط الأفراد بالمجتمعات فإن العقد الإجتماعي سينشأ إلتزامات وحقوق لم تكن موجوده من قبل .
4- من خلال المواطنة فإن المجتمع يعرف من ينتمي ومن لا ينتمي ولذلك فإن المواطنة هامة في وضع الحدود ولا تعرف فقط بالتضمين ولكن ايضا بالإقصاء .
المواطنة الإجتماعية ودولة الرفاهية : تأثرت الكتابات الحديثة عن المواطنة في الديمقراطيات الحديثة تأثرت بتحليل مارشال في كتاب المواطنة والطبقة الإجتماعية والذي يري فيه مارشال أن المواطنة توسعت في 3 صور :
1- ظهور المواطنة المدنية فعليا في أوائل القرن 18 عندما طورت الرأسمالية الإقتصادية مؤسسات تحمي الملكية الخاصة وتضمن حرية التعاقد وأعطت المواطنين مدخلا لمقايضات غير محدودة في السوق وأصبحت المواطنة إمتيازا يعطي للطبقة المالكه في السوق .
2- في القرن 19 إزداد نجاح الحقوق المدنية نتيجة للنجاح في الحصول علي حق التصويت للمواطنين .
3- بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية ظهر نوع جديد من أنواع المواطنة في صورة الحقوق الإجتماعية التي أعطت الطبقة العاملة قدرا يسيرا من الرفاهية الإقتصادية والآمان الإجتماعي والحق في المشاركة في ثروة المجتمع وغيرت الحقوق الإجتماعية مشاركة المواطنين ووضعت إفتراضا حول من ينتمي للمجتمع كعضو كامل ومن لاينتمي .
الفرق بين المواطنة الفردية والمواطنة الإجتماعية :
المواطنة الفردية (المدنية ): هي خصوصية الأفراد والمستهلكين والذين يجب حماية حرياتهم في الإختيار من التدخل الحكمومي ويري مارشال أن المواطنة المدنية تعطي لكل شخص كجزء من وضعه الفردي القوة للمشاركة كوحدة مستقلة في الصراع الإقتصادي ولكنها في ذات الوقت تنكر علي الأفراد الحماية الإجتماعية حيث ان الفرد مزود بالطرق التي تساعده علي حماية ذاته .
المواطنة الإجتماعية : تحمي الأفراد عن طريق خلق حقوق عالمية للدخل الحقيقي الذي لا يتناسب مع إدعاءات قيم السوق .
ويري البعض أن المواطنة الفردية والمواطنة الإجتماعية في صراع مع بعضهما البعض ، فالمواطنة الإجتماعية بمعناها الحق في المشاركة في المجتمع تعني خضوع حرية الأفراد للعدالة الإجتماعية وخضوع قوي السوق إلي مؤسسات الدولة ، ولذلك فإن الحقوق الفردية التي تحمي المواطنين ضد إنتهاك حرياتهم فهي حقوق سلبية ( تمنع ) ، أما الحقوق الإجتماعية فهي حقوق إيجابية تعطي المواطنين مدخلا للخدمات العامة فمن خلال التعليم العام والرعاية الصحية المقبولة فإن الحكومة تخلق الشروط الضرورية التي تمكن السكان من التنافس في السوق والمشاركه في الرفاهية الإقتصادية ، ومن خلال الحقوق الإجتماعية فإن المواطنة أصبحت ممتدة لكل القاطنين علي إقليم ما طالما أنهم يدفعون الضرائب ويساهمون في تمويل البنية العامة التحتية اللازمه لإدارة سوق العمل وأصبحت المواطنة سلعة إقتصادية والضرائب هي الثمن الذي يدفع لها .
دولة الرفاهية :
إن دور الدولة كمقدم لخدمات الرفاهية ودورها المميز كمولد للحقوق الإجتماعية أدي إلي زيادة هائلة في النفقات العامة وزيادة الضرائب المفروضه وزيادة توقعات المواطنين وزيادة تكلفة توفير الرفاهية المرتبطة بالتقدم التكنولوجي والطلب المتزايد مما أدي إلي فشل الدولة في تقديم الخدمات بالكمية والنوعية التي يرغب بها المواطنين وتعرض دولة الرفاهية إلي إنتقادات شديدة وظهور أشكال جديده من تقسيم العمل بين الدولة ومزودين إضافيين للخدمات الإنسانية ، وبدأ الحديث عن أن دور الدولة هو حماية المواطنين من إنتهاك حرياتهم في المجال الخاص وضمان حرية السوق ولذلك ينظر للمواطنين علي أنهم مستهلكين يجب حماية حرياتهم من التدخل الحكومي وفي ذات الوقت فإن المشروعات الخاصة والمنظمات الغير هادفه للربح تعد وسيلة لتقديم الخدمات الإنسانية التي كانت تقدم سابقا من قبل الحكومة .
هناك ثلاث إستراتيجيات لدمج خدمات الرفاهية وإعادة هيكلة العقد الإجتماعي :
1- الإستراتيجية اللامركزية : نقل بعض برامج الرفاهية من المستوي القومي إلي المستوي المحلي حيث تصبح الحكومات المحلية بالتعاون مع المنظمات الخاصة هي المسئولة عن تقديم الخدمات التي تخص الأفراد مما يؤدي لزيادة مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار .
2- الإستراتيجية الثانية وهي الإدارة العامة الجديدة والتي تهدف لتعريض الحكومة لتنافس أكبر من قبل الكيانات الخاصة التي تعمل كحزب حكومي ثالث والعقود تصبح مرهونة بكفاءة وأداء الإدارة ويتم إستخدام إجراءات الإدارة الخاصة في المجال العام والمواطنون يصبحون هنا عملاء أكثر من كونهم مشاركين في صنع القرار العام ، والحكومة في ظل هذه الإستراتيجية تبقي مسيطرة بشدة علي الرفاهية وتحتفظ بالمسئولية التامة عن إيصال الخدمات .
3- الشراكة بين العام والخاص والذي يؤكد علي أهمية الشراكة بين الطرفين في توفير خدمات الرفاهية للمجتمعات في توفير خدمات الرفاهية للمجتمعات المحلية وتشرك هذه الإستراتيجية المواطنين كمتطوعين ووكلاء للتنمية المحلية مما يؤدي إلي تحريك طاقات المهمشين والمواطنين العاطلين .
إن الإستراتيجيات السابقة كانت محاولة من دولة الرفاهية للإستجابة والتكيف مع الضغوط الداخلية والخارجية التي تعرض لها مفهوم الدولة كآلية مركزية للتكامل الإجتماعي ، فالهوية الوطنية بصورتها الأكثر تطورا المواطنة الثقافية تتعرض لهجوم شديد من جانب جماعات إجتماعية ذات هوية محددة تعمل كأداة تكاملية لبعض أعضاء المجتمع الذين يختلفون عن أغلبية المجتمع والذين يلتزمون بأن يحلوا محل الدولة القومية كآلية تكاملية مسيطرة ولذلك ظهرت الدعوة إلي الوصول إلي أنواع جديدة من المواطنة تحقق التكامل والتماسك والإستقرار وأهم هذه الأنواع هي :
أ: المواطنة السكنية ودور الحكومة المحلية :-
إن الإتجاه نحو تقليل سلطة الدولة لحساب المستويات المحلية ساهم في تناقص ربط هوية الأفراد بالدولة القومية وفي هذا المجال ظهرت المراكز الحضرية كفضاءات إجتماعية جديدة في العديد من المجتمعان تكون أقرب إلي الشعور بما يحس به المواطنون في حياتهم اليومية من الحكومة المركزية وتجتذب المقيمون فيها الذين هم بحاجه إلي الخدمات الإجتماعية ويرغبون بالهرب من سيطرة وتحكم السلطة العامة ولذلك فالمدن تساعد تطوير شكل جديد من أشكال المواطنة وهي المواطنة السكنية والتي إرتبط ظهورها داخل المجتمعات الغربية بالمجال المادي للمراكز الحضرية والتي تحدث فيها الحياة الإجتماعية حيث يتجمع الناس للتفاعل والتناقش في الإهتمامات المشتركة وحل إختلافاتهم .
والمجال العام للمدينة يتألف من نوعين :
1- الأماكن العامة مثل الحدائق العامة علي سبيل المثال والتي تقدم الفرصه للناس الذين لا يعرفون بعضهم بالإجتماع معا والتعريف عن نفسهم لباقي سكان المدينة .
2- الأماكن الضيقة مثل أماكن السكن مثلا وهي التي يتجمع الأفراد فيها كجزء من نفس الشبكة الإجتماعية وفيها يشكلون مصالحهم وهوياتهم .
إن جوهر هذه المواطنة هو التفاعل بين السكان المحليين وأفعالهم والحقوق والواجبات تولد من خلال العلاقات الإجتماعية التي يتعرف بها المواطنون علي بعضهم البعض . وعلي الرغم من أن الحكومة المحلية لا تعد عاملا مؤسسا للمواطنة السكنية ، إلا أنها تلعب دورا هاما كمؤسسة تضمن الحقوق وللحكومه المحلية مسؤليات محددة:
1- فرض الضرائب لزيادة مواردها المالية ذاتيا بدلا من الإعتماد علي الحكومة المركزية وفي ظل غياب نظام ضرائب محلية مرن فإن الإشراف القضائي علي الضرائب يجب أن يكون آلية مركزية وملائمة إقتصاديا .
2- السيطرة والرقابة الديموقراطية فالمجال العام للمدينة لا يمكن أن يبقي مفتوحا ومتاحا للجميع دونما وجود سلطة عامة منتخبة ديموقراطيا ولكن وجود مثل هذه الحكومة طرح تساؤلأ هاما وهو هل يحق للزوار والمقيمين مؤقتا التمتع بحق التصويت ؟
والسلطة القوية المحكومة ديمقراطيا هامة لأن الأماكن العامة بل وحتي الخاصة ليست فقط متنفسا للتفاعل المدني ولكنها قد تصبح أيضا الأرضية التي تضم الأنشطة التي تشكل تحديا لوحدة وإستقرار المجتمع .
2: الديمقراطية التوافقية : يري هذا النموذج أن التوافق وسيلة هامة لبناء المجتمعات وتعزيز المشاركة لتلك الفئات الإجتماعية والسياسية واٌلإقتصادية التي يتم تهميشها عادة ولكن النظرة إلي أن التوافق لعب دورا هاما كوسيلة لتحقيق التكامل في المجتمعات الديمقراطية لم يمض دون أن ينتقد ، فالرغبة في الوصول إلي التوافق قد تؤدي إلي الشقاق الذي قد يجعلنا أكثر ميلا إلي إضطهاد غيرنا بدلا من التعاون وقد تدفعنا إلي الإرتباط أكثر بالإنتماءات الأولية حيث أنها تعد القوة القادرة علي التعبير عن حاجات الأفراد الإقتصادية والإجتماعية ولذلك فإن القدرة علي فهم العوالم الأخلاقية المختلفة عنا هي التي تساعد في تكوين أساسا للعيش المشترك أكثر من الإجماع أو الأيديولوجية الواحدة إن التوافق لا يهدف إلي تحقيق الإجماع ولكنه يهدف إلي ملاحظة طرق الحياة الأخري والإعتراف بها مما يساعد علي زيادة إرتباط المجتمع عوضا عن تفرقه .
تأثير العولمة علي المواطنة : أصبحت الدولة القومية أقل قدرة علي الحصول علي ولاء مواطنيها السياسي فكلما تزايدت قوة الشركات المتعددة الجنسيات وسقطت الحواجز التجارية فإن أهمية الدولة تتناقص ، وكذلك فإن إنتشار وسائل الإتصالات وزيادة أعداد المهاجرين وتدفق رأس المال جعلت الدولة التي تعودنا عليها منذ الحرب العالمية الثانية غير واضحة المعالم ، وظهرت الحاجة إلي التوصل إلي أنواع جديدة من المواطنة تتجاوز حدود المواطنة القومية وقيود الدولة القومية ولذلك ظهرت الدعوة للمواطنة الكومية والمواطنة عبر القومية .
المواطنة الكونية : وضعت لمواجهة الإنتماءات القومية الضيقة عن طريق تقديم مجموعة جديدة من الحقوق والواجبات القابلة للتطبيق علي كافة الجنس البشري وليس الدولة القومية فقط وأن تستبدل السلطة والإكراه الخصائص العامة للدولة بالحوار والإجماع .
المواطنة العابرة للقومية : تعترف بأن الدولة القومية حقيقة وان غالبية عظمي من المواطنين علي الساحة الدولية سوف تواصل التمسك بالإنتماء الوطني ( القومي ) ولكن إزدياد عدد الأشخاص ذوي الإرتباط بأكثر من دولة أدي إلي الحاجة لوجود نوع من المواطنة تعطيهم حقوق في كل البلدان التي يرتبطون بها ، إن هذه المواطنة تهدف إلي إيجاد مؤسسة تجمع بين المواطنة القومية وتعترف في ذات الوقت بالإرتباطات القومية المتعددة .
الميثاق العالمي للأمم المتحدة :
يري البعض ان المنظمة الوحيدة القادرة علي أن تأخذ بفكرة المواطنة فوق القومية هي الأمم المتحدة ، ولقد إقترح كوفي عنان في عام 1991 فكرة الميثاق العالمي الذي يتضمن مبادئ عالمية ( حقوق الإنسان ، الحقوق البيئية ، حقوق العمل ) والهدف من هذا الميثاق هو تشجيع المبادرات من الحكومات القومية من أجل خلق نوع من اشكال المواطنة العابرة للقوميات بالتعاون مع الفاعلين الإجتماعيين العالميين مثل الأمم المتحدة ونقابات العمال ومنظمات المجتمع المدني ، كما أن علي السلطات الوطنية أن توفر التمويل المناسب لمعالجة المشاكل العالمية ( عدم التوظيف و الفقر والجوع ).
في ختام الحديث عن أثر العولمة علي الدولة والمواطنة والإثنية يمكن أن نلاحظ ما يلي :
1- هناك إتجاه نحو خصخصة الجنسية أو تجريد الدولة من السمة القومية أو الفصل بين الدولة والأمة وتوصف هذه العملية عند البعض بأنها صحوة الإثنيات ، ويرجع هذا الفصل إلي إقامة أسس غير ثقافية وغير أيديولجية بديلة لسلطة الدولة مما يعني أن حقبة الحملات الثقافية التي تقودها في طريقها إلي زوال .
2- الثقافة نفسها بعد أن فقدت دورها الأساسي في ضمان الدمج الإجتماعي بدأت تتحول إلي جزء من النطاق الخاص وأصبحت الإثنية إحدي فئات الرموز التي يتم تفسير الهويات الفردية وتأكيدها بالرجوع إليها ،فلم يعد هناك سوي القليل من قوي الطرد التي كانت تضعف الإندماج الإثني وهناك طلب قوي علي التميز الإثني المعلن ولو بصورة رمزية أكثر من كونها مؤسسية .
3- الإختلافات الإثنية قد تؤدي في ظل هذه الظروف درجة من العداء والصراع أقل مما كانت تفرزه فيما مضي حيث أن إعادة ترسيم الحدود التي تعد سمة أصيلة للثقافة المعاصرة والسهولة التي يتم إجتيازها بها في غياب حرس الحدود الذين تستخدمهم الدولة تجعل صور العداء أكثر ضحالة وأقصر عمرا وأقل راديكالية وبإعلان الدول لعدم إهتمامها بالتعدية الإثنية وبتنفيذها لذلك تتاح فرصة للتسامح أفضل من أي وقت مضي .
مدي إمكانية وجود ثقافة عالمية
كان المفكرون الليبراليون أمثال ميل وسبنسر يرون أن قددرة البشرية علي التكييف تزداد في مراحل محددة حيث أدت الحداثة إلي تآكل النزعة المحلية وأوجدت مجتمعات ضخمة كانت مرونتها وشموليتها بذوبان كل الحدود والتصنيفات بين إنسانية واحدة .
وكان الإشتراكيون مثل ماركس وإنجلز يتطلعان إلي ذبول الدولة القومية وتدويل الثقافات الأوربية وقد تقبل كلاهما وكل من جاء بعدهما من الشيوعيين الواقع الراهن للحدود والثقافات القومية وسلموا بالحاجه إلي إدارة الصراع الطبقي في إطار تلك الحدود إلا أنهم كانوا يتطلعون إلي يوم تتمكن فيه الثورة الإشتراكية من صب قيم البروليتاريا في الثقافات العرقية والقومية وتسمو فيه البشرية علي تصنيفاتها دون إلغائها رسميا ، وجاءت الحرب العالمية الثانية لتبين مدي سطوة الإيديولوجيات فوق القومية من عنصرية ورأسمالية وشيوعية علي قطاعات عريضه من البشرية بصورة ساعدت علي إحياء الأمل في تجاوز أكبر عقبة نحو سياسة وثقافة عالميتين حقيقيتين وهي الدولة القومية وكانت الثقافتان الشيوعية والرأسمالية تسعيان إلي إيجاد بديل إيجابي للثقافة القومية .كان السوفيتيون يريدون خلق إنسان سوفيتي يكون إنتماؤه أيديولجيا للجماعة السياسية الجديدة حتي وغن إحتفظ بنوع من التضامن المعنوي مع جماعته العرقية ، وكانوا يفترضون في هذه الجماعات والجمهوريات العرقية أن تندمج معا في النهاية وتنشأ ثقافة سوفيتية حقيقية بعد فتره من التعاون .
أما في الولايات المتحدة فلقد كان الإنتماء لجماعات عرقية يمثل قيمة أكبر وكانت إحتياجات هذه الجماعات وحقوقها معترفا بها طالما كانت تخضع في النهاية للجماعة السياسية الأكبر واصبحت الإثنية أحد المبادئ الأساسية التنظيمية ولو بصورة غير رسمية للمجتمع الأمريكي ولكن دون أن تفسد الولاء الأكبر للمواطن تجاه الولايات المتحدة وقيمها .
إذا كانت التجربتان الروسية والأمريكية أوضحتا عن إمكانية أن تتجاوز الإمبرياليات الثقافية الجديدة القومية فإن مشروع إيجاد جماعة أوربية حقيقية كان ينبئ بالأسلوب الذي يمكن إيجاد ثقافة عالمية به ، ودار الجدل حول الشكل المستقبلي لمثل هذه الجماعة فوق القومية الذي أسفر عن صيغة جديدة للجماعة الأوربية القائمة علي الوحدة مع التنوع ، وكان هناك توازنا بين القوانين الإقتصادية المشتركة والسياسات الإجتماعية والإقتصادية للدول الأعضاء في الجماعة وسيادة سياسية مشتركة بين الدول الأعضاء وتراث أوربي مشترك مما أدي إلي ولادة المواطن الأوربي الجديد الذي يوازن بين الثقافات المتداخلة لشعوب اوروبا علي إختلافها ، ولكن علي الرغم مما سبق ألا أنه لا يزال هناك المشككين في إمكانية وجود ثقافة عالمية وفيما يلي اهم الحجج التي إستخدمها كلا من مؤيدي إمكانية وجود ثقافة عالمية والمعارضين لهذه الفكرة :
أولا : المؤيدون
1- طرح بعض الناس لآلاف من السنين أفكارا أكدوا أنها تمثل قيما أو حقائق عالمية ، كما أن الخمسين سنة الأخيرة أكدت خلالها الكثير من الحكومات القومية فضلا عن المؤسسات العالمية صحة مثل هذه القيم وإمكانية تنفيذها ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948) .
2-علي الرغم من إشتمال الكرة الأرضية علي عدد كبير من المجموعات المتميزه والمتمايزة إلا أنه مع مرور الزمن فإن نطاق مختلف الأنشطة قد توسع تدريجيا واندمجت بعض المجموعات وسوف تصل تدريجيا بمساعدة العلم والتكنولوجيا إلي عالم سياسي واحد وعالم إقتصادي واحد وعالم ثقافي واحد.
3- الإختلافات التاريخية بين المجموعات كانت سطحية وعلي الرغم من وجود العديد من الهياكل المختلفة إلا أنها كانت تشكل سلسلة ذات طابع نمطي ( نظرية المراحل في التطور البشري ) بما أن المجتمعات كانت تتحرك خلال مراحل متوازية فإننا نصل في النهاية إلي النتيجة نفسها عالم بشري واحد ومن ثقافة عالمية .
4- الثقافة مسألة تتعلق بتعريف الحدود التي تعتمد علي التعريفات ، والتعريفات ليست موحدة عالميا أو حتي حققت إتساقا عبر الزمن وتعريف الثقافة مهما كان لا يعني أن الأفراد الذين ينتمون إلي مجموعة معينة يؤمنون بقيمها المفترضة أو يشتركون في ممارستها وبالتالي لماذا يتم ترسيم الحدود في ذلك الموضع تحديدا .
5- إن حقبة الدولة القومية ولت وهناك عالم جديد من القوي العظمي والعمالقة الإقتصاديون والشركات متعددة الجنسيات ولا مكان في عالم كهذا للدول المتوسطة ناهيك عن الجماعات العرقية الكامنة بنزعاتها القومية المتناحرة والمنقسمة بعبارة أخري فنطاق أنشطة الشركات المتعددة الجنسيات ومواردها ومرونتها التخصصية تساعدها علي تقديم اللغة المجازية والمعلومات علي نطاق عالمي تقريبا ، وتهدد بإغراق الشبكات الثقافية للوحدات الأكثر محلية بما في ذلك الشعوب والجماعات العرقية .
6- إن عالم اليوم هو عالم تع
الأربعاء أكتوبر 07 2015, 11:28 من طرف مهاجي30
» الفرض الاول علمي في مادة الأدب العربي
السبت نوفمبر 22 2014, 14:57 من طرف slim2011
» الفرض الاول ادب عربي شعبة ادب و فلسفة
السبت أكتوبر 18 2014, 06:35 من طرف عبد الحفيظ10
» دروس الاعلام الآلي كاملة
الثلاثاء سبتمبر 23 2014, 09:24 من طرف mohamed.ben
» دروس في الهندسة الميكانيكية
الخميس سبتمبر 18 2014, 04:37 من طرف nabil64
» وثائق هامة في مادة الفيزياء
الأربعاء سبتمبر 10 2014, 21:12 من طرف sabah
» طلب مساعدة من سيادتكم الرجاء الدخول
الجمعة سبتمبر 05 2014, 19:57 من طرف amina
» مذكرات الأدب العربي شعبة آداب و فلسفة نهائي
الجمعة سبتمبر 05 2014, 19:53 من طرف amina
» مذكراث السنة الثالثة ثانوي للغة العربية شعبة ادب
الثلاثاء أغسطس 19 2014, 07:29 من طرف walid saad saoud
» les fiches de 3 as* projet I**
الجمعة يوليو 11 2014, 11:51 من طرف belaid11