معنى المدرسة الفقهية المالكية
الدكتور محمد المصلح أستاذ الفقه بجامعة محمد الأول - وجدة
مصطلح المدرسة – كما ورد في المعجم الوسيط-: جماعة من الفلاسفة أو المفكرين أو الباحثين، تعتنق مذهبا معينا، أو تقول برأي مشترك. ويقال هو من مدرسة فلان: على رأيه ومذهبه.
معنى المدرسة الفقهية المالكية، –بناء على التعريف السابق للمدرسة-: الاتجاه الذي سلكه الإمام مالك ومن تبعه في التشريع، وهي بهذا المعنى تشمل كل المنتسبين للمذهب المالكي والخدمات التي قدموها إليه عبر مراحله المختلفة.
غير أن تمركز المذهب في حواضر معينة من البلدان التي انتشر بها ن واستقرار أعلامه الكبار في تلك الحواضر وتميز عطائهم بها وانتشاره، دعا الدارسين قديما وحديثا إلى تقسيم المدرسة المالكية إلى مدارس، عبر عنها القدماء بالفروع، وسماها المعاصرون مدارس.
وأشهر هذه المدارس المالكية بالغرب الإسلامي: المدرسة الإفريقية أو القروية، والمدرسة الأندلسية، والمدرسة الفاسية التي تعد امتدادا لمدرستي: إفريقية والأندلس.
وبالرغم من اشتراك هذه المدارس في الخصائص العامة للمذهب في مجالات التأليف والتدريس والإفتاء والقضاء، فقد انفرد كل منها بمميزات خاصة في أزمنة معينة نتيجة لظروف وتغيرات محلية.
والمقام لا يتسع للحديث مفصلا عن هذه المدارس الثلاث وعن مختلف خصائصها عبر مراحل تطور المذهب، لذا سأركز الكلام على المدرسة الإفريقية باعتبرها المحطة الأساسية التي انطلق منها المذهب للانتشار في باقي أقطار المغرب التي تشكل اليوم بلدان المغرب العربي.
المدرسة الفقهية المالكية بإفريقية " البلاد التونسية"
أولا : الجذور والتأسيس:
لقد دخل مذهب أهل المدينة إلى بلاد إفريقية قبل أن يفد عليها المذهب المالكي، فقد ثبت أن عمر بن عبد العزيز أرسل بعثة من علماء الحجاز مكونة من عشرة أفراد لتعليم أهل إفرقية العلم.
وفي أوائل المائة الثانية رحل بعض الطلاب من إفرقية إلى المدينة للأخذ عن علمائها قبل ظهور الإمام مالك، ومن أشهرهم خالد بن أبي عمران الذي أدخل إلى القيروان مسائل فقهية كثيرة أخذها عن كبار فقهاء المدينة أمثال القاسم بن محمد وسليمان بت يسار وسالم بن عبد الله، وقد جمع هذه المسائل في كتاب ضخم .
وقد شكل هذا المذهب لمدني الذي دخل إلى إفريقية في وقت مبكر سندا قويا للمذهب المالكي باعتباره امتدادا لمذهب أهل المدينة ووارثا له.
وعندما ظهر الإمام مالك، وأخذ الناس يضربون إليه أكباد الإبل من المشرق والمغرب، كان طلبة العلم القرويون من أوائل هؤلاء وفي طليعتهم.
وقد ذكر القاضي عياض عن ابن حارث أن الفوج الأول الذي رحل من إفرقية للأخذ عن الإمام مالك يزيد عدده عن ثلاثين رجلا.
وذكر الباحث الحسين بن محمد شواط أن العدد بلغ أربعة وأربعين، ومن أشهرهم علي بن زياد التونسي ت 183ه " فهو أول من أدخل الموطأ وجامع سفيان الثوري إلى المغرب، وفسر لهم قول مالك، ولم يكونوا يعرفونه".
وعلي بن زياد رحل إلى الإمام مالك بعد ما أخذ الفقه عن شيوخ بلده، ولذلك كان يناقش مالكا ويراجعه، واستطاع أن يستوعب مذهبه أصولا وفروعا في مدة قصيرة .
وقد كرس حياته بعد عودته إلى بلده لتدريس مذهب مالك ونشره حتى عد المؤسس الحقيقي لمدرسة إفرقية المالكية، يقول الشيخ محمد الشاذلي النيفر: "إن علي بن زياد كان في الحقيقة مؤسس المدرسة التونسية بأجلى مظاهرها التي لا تزال إلى اليوم ممتدة الفروع ثابتة الأصول".
ثم رحل بعد علي بن زياد البهلول بن راشد القيرواني أحد تلامذته، وعبد الله بن غانم، وعبد الله بن فروخ مفتي لإفريقية، وقد كان لهؤلاء دور كبير أيضا في نقل علم الحجاز ومذهب مالك إلى إفرقية.
و بما أن المذهب الحنفي كان الغالب في إفرقية قبل دخول المذهب المالكي إليها، فإن المالكية قد كابدوا صعابا جمة في البداية في سبيل نشر مذهبهم وترسيخ دعائمه، غير أن سرعة إقبال الناس على المذهب المالكي ساعد كثيرا علماءه على تثبيت أركانه في أرجاء البلاد.
يقول القاضي عياض: "فأخذ به (أي المذهب المالكي) كثير من الناس، ولم يزل يفشو إلى أن جاء سحنون (ت 240هـ) فغلب في أيامه، وفض حلق المخالفين، واستقر المذهب بعهده في أصحابه، فشاع في تلك الأقطار إلى وقتنا هذا.
يتبع[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الدكتور محمد المصلح أستاذ الفقه بجامعة محمد الأول - وجدة
مصطلح المدرسة – كما ورد في المعجم الوسيط-: جماعة من الفلاسفة أو المفكرين أو الباحثين، تعتنق مذهبا معينا، أو تقول برأي مشترك. ويقال هو من مدرسة فلان: على رأيه ومذهبه.
معنى المدرسة الفقهية المالكية، –بناء على التعريف السابق للمدرسة-: الاتجاه الذي سلكه الإمام مالك ومن تبعه في التشريع، وهي بهذا المعنى تشمل كل المنتسبين للمذهب المالكي والخدمات التي قدموها إليه عبر مراحله المختلفة.
غير أن تمركز المذهب في حواضر معينة من البلدان التي انتشر بها ن واستقرار أعلامه الكبار في تلك الحواضر وتميز عطائهم بها وانتشاره، دعا الدارسين قديما وحديثا إلى تقسيم المدرسة المالكية إلى مدارس، عبر عنها القدماء بالفروع، وسماها المعاصرون مدارس.
وأشهر هذه المدارس المالكية بالغرب الإسلامي: المدرسة الإفريقية أو القروية، والمدرسة الأندلسية، والمدرسة الفاسية التي تعد امتدادا لمدرستي: إفريقية والأندلس.
وبالرغم من اشتراك هذه المدارس في الخصائص العامة للمذهب في مجالات التأليف والتدريس والإفتاء والقضاء، فقد انفرد كل منها بمميزات خاصة في أزمنة معينة نتيجة لظروف وتغيرات محلية.
والمقام لا يتسع للحديث مفصلا عن هذه المدارس الثلاث وعن مختلف خصائصها عبر مراحل تطور المذهب، لذا سأركز الكلام على المدرسة الإفريقية باعتبرها المحطة الأساسية التي انطلق منها المذهب للانتشار في باقي أقطار المغرب التي تشكل اليوم بلدان المغرب العربي.
المدرسة الفقهية المالكية بإفريقية " البلاد التونسية"
أولا : الجذور والتأسيس:
لقد دخل مذهب أهل المدينة إلى بلاد إفريقية قبل أن يفد عليها المذهب المالكي، فقد ثبت أن عمر بن عبد العزيز أرسل بعثة من علماء الحجاز مكونة من عشرة أفراد لتعليم أهل إفرقية العلم.
وفي أوائل المائة الثانية رحل بعض الطلاب من إفرقية إلى المدينة للأخذ عن علمائها قبل ظهور الإمام مالك، ومن أشهرهم خالد بن أبي عمران الذي أدخل إلى القيروان مسائل فقهية كثيرة أخذها عن كبار فقهاء المدينة أمثال القاسم بن محمد وسليمان بت يسار وسالم بن عبد الله، وقد جمع هذه المسائل في كتاب ضخم .
وقد شكل هذا المذهب لمدني الذي دخل إلى إفريقية في وقت مبكر سندا قويا للمذهب المالكي باعتباره امتدادا لمذهب أهل المدينة ووارثا له.
وعندما ظهر الإمام مالك، وأخذ الناس يضربون إليه أكباد الإبل من المشرق والمغرب، كان طلبة العلم القرويون من أوائل هؤلاء وفي طليعتهم.
وقد ذكر القاضي عياض عن ابن حارث أن الفوج الأول الذي رحل من إفرقية للأخذ عن الإمام مالك يزيد عدده عن ثلاثين رجلا.
وذكر الباحث الحسين بن محمد شواط أن العدد بلغ أربعة وأربعين، ومن أشهرهم علي بن زياد التونسي ت 183ه " فهو أول من أدخل الموطأ وجامع سفيان الثوري إلى المغرب، وفسر لهم قول مالك، ولم يكونوا يعرفونه".
وعلي بن زياد رحل إلى الإمام مالك بعد ما أخذ الفقه عن شيوخ بلده، ولذلك كان يناقش مالكا ويراجعه، واستطاع أن يستوعب مذهبه أصولا وفروعا في مدة قصيرة .
وقد كرس حياته بعد عودته إلى بلده لتدريس مذهب مالك ونشره حتى عد المؤسس الحقيقي لمدرسة إفرقية المالكية، يقول الشيخ محمد الشاذلي النيفر: "إن علي بن زياد كان في الحقيقة مؤسس المدرسة التونسية بأجلى مظاهرها التي لا تزال إلى اليوم ممتدة الفروع ثابتة الأصول".
ثم رحل بعد علي بن زياد البهلول بن راشد القيرواني أحد تلامذته، وعبد الله بن غانم، وعبد الله بن فروخ مفتي لإفريقية، وقد كان لهؤلاء دور كبير أيضا في نقل علم الحجاز ومذهب مالك إلى إفرقية.
و بما أن المذهب الحنفي كان الغالب في إفرقية قبل دخول المذهب المالكي إليها، فإن المالكية قد كابدوا صعابا جمة في البداية في سبيل نشر مذهبهم وترسيخ دعائمه، غير أن سرعة إقبال الناس على المذهب المالكي ساعد كثيرا علماءه على تثبيت أركانه في أرجاء البلاد.
يقول القاضي عياض: "فأخذ به (أي المذهب المالكي) كثير من الناس، ولم يزل يفشو إلى أن جاء سحنون (ت 240هـ) فغلب في أيامه، وفض حلق المخالفين، واستقر المذهب بعهده في أصحابه، فشاع في تلك الأقطار إلى وقتنا هذا.
يتبع[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الأربعاء أكتوبر 07 2015, 11:28 من طرف مهاجي30
» الفرض الاول علمي في مادة الأدب العربي
السبت نوفمبر 22 2014, 14:57 من طرف slim2011
» الفرض الاول ادب عربي شعبة ادب و فلسفة
السبت أكتوبر 18 2014, 06:35 من طرف عبد الحفيظ10
» دروس الاعلام الآلي كاملة
الثلاثاء سبتمبر 23 2014, 09:24 من طرف mohamed.ben
» دروس في الهندسة الميكانيكية
الخميس سبتمبر 18 2014, 04:37 من طرف nabil64
» وثائق هامة في مادة الفيزياء
الأربعاء سبتمبر 10 2014, 21:12 من طرف sabah
» طلب مساعدة من سيادتكم الرجاء الدخول
الجمعة سبتمبر 05 2014, 19:57 من طرف amina
» مذكرات الأدب العربي شعبة آداب و فلسفة نهائي
الجمعة سبتمبر 05 2014, 19:53 من طرف amina
» مذكراث السنة الثالثة ثانوي للغة العربية شعبة ادب
الثلاثاء أغسطس 19 2014, 07:29 من طرف walid saad saoud
» les fiches de 3 as* projet I**
الجمعة يوليو 11 2014, 11:51 من طرف belaid11